الرابع: أن الحكومة ومشتقاتها قد غلب استعمالها في الكتاب والسنة في خصوص القضاء، بل يمكن أن يقال: ليس إطلاق الحاكم على الوالي بالاشتراك اللفظي أو المجاز، بل لأنه قاض حقيقة ولأن القضاء من أهم شؤونه ولا تتم الولاية إلا به، فيكون قوله " حاكما " في المقبولة مساوقا لقوله " قاضيا " في خبر أبي خديجة بنقليه. وأما التعليل فلأن القضاء لا يكون مشروعا إلا بإجازة الوصي ونصبه، وأما ذكر السلطان فلأن الرجوع إلى القاضي المنصوب من قبله نحو رجوع إليه.
وعلى هذا فما ذكره الأستاذ الإمام (رحمه الله) من استفادة الولاية الكبرى عن طريق تقسيم التنازع إلى قسمين قابل للخدشة جدا.
فإن قلت: استعمال حرف الاستعلاء في قوله: " عليكم " يناسب الولاية المطلقة. قلت: في القضاء أيضا نحو استيلاء واستعلاء، فيصح استعمال حرف الاستعلاء على أي تقدير.
الخامس: أن الظاهر كون المخاطب في " منكم " و " عليكم " خصوص الشيعة فيعلم بذلك أن غرضه (عليه السلام) كان رفع مشكلة الشيعة في منازعاتهم، ولو كان بصدد نصب الوالي لكان المناسب نصبه على جميع الأمة لا على الشيعة فقط.
اللهم إلا أن يقال، كما مر في كلام الأستاذ (رحمه الله): إنه (عليه السلام) كان بصدد طرح حكومة عادلة إلهية وبيان شرائطها ومواصفاتها حتى لا يتحير المفكرون لو وفقهم الله - تعالى - لإقامتها ولو في الأعصار الآتية.
السادس: سلمنا أن الحكم بمشتقاته يعم القضاء وغيره ولكن لما كانت المقبولة سؤالا عن المنازعة في الأموال، فالقضاء هو القدر المتيقن منها، والتمسك بالاطلاق إنما يجري في الموضوعات لا في المحمولات.
ولكن يمكن أن يقال: إنا لا نرى فرقا بين الموضوعات وبين المحمولات.