واليا. قال: " إن اثبات ولاية الفقيه وبيان الضابطة لحدود ولايته يتوقف على أمور:
الأول: أن في المجتمع أمورا لا تكون من وظائف الأشخاص ولا ترتبط بهم، بل هي اجتماعية عامة يتوقف عليها حفظ نظام المجتمع.
الثاني: لا يبقى شك لمن تتبع قوانين الإسلام وضوابطه في أنه دين سياسي اجتماعي، ولأجل ذلك اتفق الخاصة والعامة على أنه يلزم في محيط الإسلام وجود سائس وزعيم يدبر أمور المسلمين. بل هو من ضروريات الإسلام وان اختلفوا في شرائطه وخصوصياته، وأن تعيينه من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو بالانتخاب العمومي.
الثالث: لا يخفى أن سياسة المدن وتأمين الجهات الاجتماعية في دين الإسلام لم تكن منفصلة عن الأمور الروحانية... بل كانت السياسة فيه من الصدر الأول مختلطة بالديانة ومن شؤونها...
وحينئذ فنقول: إنه لما كان من معتقداتنا معاشر الشيعة الإمامية أن خلافة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وزعامة المسلمين من بعده كانت للأئمة الاثني عشر (عليهم السلام)... فكانوا هم المراجع الأحقاء للأمور السياسية والاجتماعية وكان على المسلمين الرجوع إليهم وتقويتهم في ذلك، فلا محالة كان هذا مركوزا في أذهان أصحاب الأئمة (عليهم السلام) أيضا وكان أمثال زرارة ومحمد بن مسلم من فقهاء أصحاب الأئمة وملازميهم لا يرون المرجع لهذه الأمور إلا الأئمة (عليهم السلام) أو من نصبوه لذلك، فلذلك كانوا يرجعون إليهم فيما يتفق لهم مهما أمكن كما يعلم ذلك بمراجعة أحوالهم... فنحن نقطع بأن صحابة الأئمة (عليهم السلام) سألوهم عمن يرجع إليه الشيعة في تلك الأمور مع عدم التمكن منهم (عليهم السلام) وأن الأئمة (عليهم السلام) أيضا أجابوهم ونصبوا للشيعة مع عدم التمكن منهم (عليهم السلام) أشخاصا يرجعون إليهم إذا احتاجوا، غاية الأمر سقوط تلك الأسئلة والأجوبة من