الجوامع الحديثية التي بأيدينا، ولم يصل إلينا إلا ما رواه عمر بن حنظلة وأبو خديجة (1). وإذا ثبت بهذا البيان النصب من قبلهم (عليهم السلام)... فلا محالة يتعين الفقيه لذلك، إذ لم يقل أحد بنصب غيره. فالأمر يدور بين عدم النصب وبين نصب الفقيه العادل، وإذا ثبت بطلان الأول بما ذكرناه صار نصب الفقيه مقطوعا به، وتصير مقبولة ابن حنظلة أيضا من شواهد ذلك...
وبما ذكرناه يظهر أن مراده (عليه السلام) بقوله في المقبولة: " حاكما " هو الذي يرجع إليه في جميع الأمور العامة الاجتماعية... ولم يرد به خصوص القاضي " (2).
أقول: أما ما ذكره - طاب ثراه - من أن أصحاب الأئمة (عليهم السلام) كانوا يرجعون إليهم فيما يتفق لهم من الأمور السياسية فأمر يحتاج إلى تتبع، ولا يتيسر لي ذلك فعلا.
وأما إن الأئمة (عليهم السلام) إما أنهم لم ينصبوا لهذه الأمور أحدا وأهملوها، أو أنهم نصبوا الفقيه لذلك وإذا ثبت بطلان الأول صار نصب الفقيه مقطوعا به.
ففيه أن طريق انعقاد الولاية إن كان منحصرا في النصب من العالي كان ما ذكره صحيحا. وأما إن قيل بما قويناه من أنها تنعقد بانتخاب الأمة أيضا، غاية الأمر كونه في طول النصب وفي صورة عدمه، فنقول: لعل الأئمة (عليهم السلام) أحالوا الأمور الولائية في عصر الغيبة إلى انتخاب الأمة. غاية الأمر لزوم كون المنتخب واجدا للشرائط والصفات التي اعتبرها الشارع في الوالي. فعلى الأمة في عصر الغيبة أن يختاروا فقيها جامعا للشرائط ويولوه على أنفسهم. وباختيارهم وتوليهم يصير واليا بالفعل، ولا يبقى محذور في البين.