فإن لم يقصد بذلك وجه الله لم يصح الوقف، والوقف لا بد أن يكون مؤبدا ولا يجوز أن يكون موقتا، فإن جعله موقتا لم يصح إلا أن يجعله سكنى على ما نبينه فيما بعد إن شاء الله.
والوقف يجري على حسب ما يقفه الانسان ويشترط فيه، فإن وقف على قوم مخصوصين كان لهم ذلك وليس لغيرهم معهم شئ على حال، وإن وقف عاما كان على حسب ذلك أيضا يجري على من يتناوله ذلك الاسم.
ولا يجوز أن يقف على من لم يوجد بعد فإن وقف كذلك كان الوقف باطلا، فإن وقف على ولده الموجودين وكانوا صغارا ثم رزق بعد ذلك أولادا جاز أن يدخلهم معهم فيه ولا يجوز له أن ينقله عنهم بالكلية إليهم.
وإذا وقف الوقف على ولده وكانوا ذكورا وإناثا فإن شرط تفضيل بعضهم على بعض كان على حسب ما شرط، وإن لم يذكر شيئا من ذلك كان الذكر والأنثى فيه سواء من ولده وولد ولده لتناول الاسم لهم، فإن قال: الوقف بينهم على كتاب الله كان بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. وإذا وقف على والديه كان أيضا مثل ذلك يكون بينهما بالسوية إلا أن يفضل أحدهما على الآخر بالتعيين.
ولا بأس أن يقف المسلم على والديه أو ولده أو من بينه وبينه رحم وإن كانوا كفارا، ولا يجوز وقفه على كافر لا رحم بينه وبينه على حال، وكذلك إن أوصى لهم بشئ كان ذلك جائزا.
ولا بأس أن يقف الانسان على المساجد والكعبة والمشاهد والمواضع التي يتقرب فيها إلى الله تعالى على مصالحها ومراعاة أحوالها وسكانها، ولا يجوز وقف المسلم على البيع والكنائس وبيوت النيران ومواضع قرب سائر أصناف الكفار.
وإذا وقف الكافر على أحد المواضع التي يتقربون فيها إلى الله تعالى كان وقفه صحيحا، وإذا وقف الكافر وقفا على الفقراء كان ذلك الوقف ماضيا في فقراء أهل ملته دون غيرهم من سائر أصناف الفقراء. وإذا وقف المسلم شيئا على المسلمين كان ذلك لجميع من أقر بالشهادتين وأركان الشريعة من الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد وإن اختلفوا في الآراء والديانات.
فإن وقف على المؤمنين كان ذلك خاصا لمجتنبي الكبائر من أهل المعرفة بالإمامة دون غيرهم ولا يكون للفساق منهم معهم شئ على حال.