شرر من نار قهر الله المعنوية بعد تنزلها في مراتب كثيرة كتنزلها في مرتبة النفس بصورة الغضب إذ ربما يؤثر سورة الغضب في إحراق الأخلاط مع رطوبتها ما لا يؤثر النار في الحطب اليابس ومن هذا يعلم أن كل مسخن لا يجب أن يكون حارا.
واعلم أن هذه النار التي تراها في الدنيا ليس هذا الصفا والإشراق والتلألؤ واللمعان داخلا في حقيقتها فإن ذلك كله مسلوب من النار الحقيقة العقلية ومن النار الجسمانية الأخروية وإنما يثبت لهذه النيران لأنها ليست نيرانا محضة بل فيها نار ونور.
وأما النار المحضة فإن تمامها محرقة مؤذية قطاعة نزاعة وهذا المحسوس من النار ليس محرقا حقيقة والذي يباشر الإحراق والتفريق حقا وحقيقة هي نار إلهية مستورة عن هذه الحواس خارجة عن الفكر والقياس وهي النار الكبرى التي تطلع على الأفئدة والنفوس المرتبطة نوعا من الارتباط بهذا المحسوس.
وكما أن حرارة الحمى الشديد أثر من الأخلاط الردية وانحراف المزاج عن الاعتدال في الطبيعة فكذلك شدة حرارة نار جهنم سببها المعاصي والأفعال السيئة والانحراف عن العدالة ومنهج الشريعة.
الأصل السابع أن المادة التي لا بد منها في وجود الحوادث وحدوثها ولا بد للحركات والتغيرات والانتقالات الخيالية عن تحققها وثبوتها ليست حقيقتها إلا قوة الشيء وإمكانه الاستعدادي ومنبعها الإمكان الذاتي ولهذا حصلت من المبادي العقلية من جهة إمكاناتها ومنشأ الإمكان ذاتيا كان أو استعداديا هو نقص الوجود وقصور التجوهر بحسب مرتبة الماهية أو بحسب الواقع.
فما دام الشيء له قصور في ذاته ونقص في جوهره فله نسبة إلى القوة ويحدث منه المتجددات ويباشر الحركات والتحريكات ويزاولها فكما أن العقول تنقسم في مذهب الإشراقيين إلى ما لا يصدر منها الأجسام وهي العقول الواقعة في سلسلة الطول ويسمى عندهم بالأعلون وذلك لعلوهم