فصل في أن محرك السماء لا يجوز أن يكون عقلا محضا لا تقبل التغير كما لا يجوز أن يكون طبعا محضا لأن الثابت على حالة واحدة لا يصدر منه إلا ثابت على حالة واحدة فيجوز مثلا أن يكون سكون الأرض مثلا عن علة ثابتة لأنه دائمة على حالة واحدة.
وأما أوضاع السماء فإنها دائما في التبدل فيستحيل أن يكون موجبها ما هو ثابت غير متغير.
فإن الموجب للحركة مثلا من " أ " إلى " ب " لا يوجب الحركة من " ب " إلى " ج " لأن إحداهما غير الأخرى.
فإذن لا بد أن يكون مفيض الحركة من حدثان إلى حد ثالث غير مفيضها من حد أول إلى ثان.
فلا بد للمحرك الواحد من سنوح حالات متجددة حتى يكون مبدءا للحركة كالشئ الذي يختلف تحريكه لاختلاف كيفيته فإنه إذا برد حرك إلى وجه آخر يخالف تحريكه في حال الحرارة.
فإذن لا بد من تغير الموجب عند تغير الموجب فإن كان الموجب هو الإرادة فلا بد من تغير الإرادة وتجددها وكونها جزئية.
والحركة الكلية لا وجود لها ما لم تتشخص ولم يصر جزئية فإرادتك الحج مثلا لا توجب حركة رجلك بالتخطي إلى جهة معينة وفي مسافة معينة ما لم يتجدد لك إرادة جزئية للتخطي إلى الموضع الذي تخطيت إليه ثم يحدث لك بتلك الخطوة تصور جزئي لما وراء تلك الخطوة وينبعث منه إرادة جزئية أخرى للخطوة الثانية وإنما ينبعث عنه وعن الإرادة الكلية التي تقتضي دوام الحركة إلى حين الوصول إلى مكة فيكون الحادث حركة وتصورا وإرادة (في م ش: وإنما تنبعث من الإرادة الكلية... إلى الكعبة...) فالحركة حدثت بالإرادة والإرادة حدثت بالتصور الجزئي مع الإرادة الكلية والتصور الجزئي حدث