ومحاكية له بالصدق.
ولذلك رأى بعض المكاشفين الشيطان على صورة كلب جاثم على جيفة يدعو الناس إليها وكانت الجيفة مثال الدنيا.
وكذا أيضا يدل القرد والخنازير في النوم على إنسان خبيث ويدل الشاة على إنسان سليم الجانب وهكذا جميع أبواب التعبير. وفي هذا أسرار عجيبة لمن له قلب.
فصل في أضغاث الأحلام وهي المنامات التي لا أصل لها قد علمت من طريقتنا من أن النفس بقوتها الخيالية التي هي لها في عالمها بمنزلة القوة المحركة في هذا العالم فكما يصدر منها في عالم المحسوسات بقوتها المحركة بإعانة غيرها من الأسباب أشياء من باب الحركات والتحولات يسمى بالصنائع والأفعال كذلك تفعل باختراعها في مملكتها وعالمها الباطني صورا وأشخاصا جسمانية بعضها مطابقة لما يوجد في الخارج وبعضها جزافيات لا أصل لها في شيء من العوالم والبرازخ. والصور المتأصلة التي يكون في العوالم بعضها مطابقة لبعض إذ النشئات والعوالم مطابقة بحسب الصور إلا ما يخترعها النفس بدعابة المتخيلة وشيطنتها فإنها مجرد إنشاء لا أصل لها.
فإذا اخترعت المتخيلة بدعابتها واضطرابها التي لا يفتر عنها في أكثر الأحوال صورا جزافية وانتقلت فيها وحاكتها بأمور أخرى في حال النوم وشاهدها النفس وبقيت مشغولة بمحاكاتها كما تبقى مشغولة بالحواس في اليقظة وخصوصا إذا كانت ضعيفة في جوهرها منفعلة عن آثارها القوى فلا تستعد للاتصال بالجواهر الروحانية والمتخيلة باضطرابها قويت بسبب من الأسباب فلا يزال تحاكي وتخترع صورا لا وجود لها وتبقى في الحافظة إلى أن يستيقظ فتذكر ما رآه في المنام.
ولمحاكاتها أيضا أسباب من أحوال البدن ومزاجه فإن غلب على مزاجه الصفراء حاكاها بالأشياء الصفر وإن كانت فيه الحرارة حاكاه بالنار والحمام الحار وإن غلبت البرودة حاكاها بالثلج والشتاء ونظائرها وإن غلبت السوداء حاكاها بالأشياء السود والأمور الهائلة.
وإنما حصلت صورة النار مثلا في التخيل عند غلبة الحرارة لأن