و تفاخر بينكم و تكاثر في الأموال و الأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما.
كشف مقال لدفع إعضال إن أعضل شبه الجاحدين للمعاد الجسماني وأعظم إشكالات المنكرين للجنة والنار المحكوم بثبوتهما وتحققهما في الشريعة الناموسية والحكمة القدوسية هو طلب المكان لهما واستلزام كونهما في جهة من الجهات الامتدادية الجرمية في زمان من الأزمنة المتصرمة المتجددة واستيجاب كونهما داخل حجب السماوات وتحت حيطة محدد الجهات وعرش المتماديات.
فالجواب عن أصل هذه الشبهة وقلع مادتها وانفساخ صورتها هو أن يقال على طريقة الأبحاث المتألهين وأنظار السالكين إلى الله تعالى بأقدام الأفكار ومراكب الأنظار إن حجتكم هذه مبنية على أن للجنة والنار مكانا من جنس أمكنة هذه الدنيا لكن أصل إثبات المكان على هذا الوجه للجنة والنار باطل فالشبهة منهدمة الأساس منحسمة الأصل. لأنا نقول: أولا إن عالم الآخرة عالم تام لا يخرج عنه شيء من جوهره وما هذا شأنه لا يكون له مكان كما أن ليس لمجموع هذا العالم مكان يمكن أن يقع إليه الإشارة الوضعية من خارجه أو داخله لأن المكان للشيء إنما هو يتقرر بحسب نسبة وإضافة إلى ما هو مباين له في وضعه خارج في إضافته وليس في خارج هذا العالم شيء من جنسه وإلا لم يؤخذ بتمامه ولا في داخله أيضا ما يكون مفصولا عن جميعه إذا أخذ بهذه الحيثية فلا إشارة حسية إليه عند أخذه تاما كاملا لا من خارجه من داخله فلا يكون له أين ولا وضع.
ولهذا المعنى حكم معلم المشائين ب: أن العالم بتمامه لا مكان له. فقد اتضح أن ما يكون عالما فطلب المكان له باطل والمغالطة من باب قياس الجزء إلى الكل والاشتباه بين الناقص والكامل.