سابقا لم يكن القياس دليلا وإن لم يكن أيضا برهانا محضا بل كان قياسا شبيها بالبرهان.
وهم وإزاحة إن اختلج في صدرك: أنه حيث ثبت وتقرر بالبيان التعليمي والبرهان العقلي أن حقيقة الواجب هو الوجود المجرد عن الموضوع فلا ضير في إطلاق معنى الجوهر ومفهومه عليه (تعالى) وإن لم يطلق لفظه عليه بحسب التوقيف الشرعي إذ معناه ومفهومه الموجود لا في موضوع.
وهذا المعنى بعينه هو الذي صيرته الفلاسفة جنسا للجواهر الخمسة فيلزم أن يكون معنى الموجود لا في موضوع يعم الأول وغيره عموم الجنس لأنواعه فيقع تحت جنس الجواهر ويحتاج في تقوم سنخه إلى فصل مقوم له فيتركب ذاته أو يكون معنى واحد وحقيقة واحدة محصلا تارة وغير محصل أخرى وكلاهما محالان.
فاعلم: أن معنى الجوهر الذي جنسوه ليس هو الموجود بما هو موجود مسلوبا عنه الموضوع وإلا للزم من انعدام شيء من أفراد هذا المعنى انقلاب الحقيقة ولكانت أفراد الجوهر كلها واجبة الوجود لذواتها (تعالى الواجب بالذات عن ذلك علوا كبيرا.) ولا أيضا الشيء الموجود بالفعل لا في موضوع يصلح لأن يكون عنوانا لحقيقة الجنسية البسيطة وإلا لكان كل من علم شيئا أنه هو في نفسه جوهر علم أنه موجود ولما أمكن تعقل شيء من الأنواع الجوهرية فإن العلم هو المكتسب من صورة شيء مجردة عن مادته فصورة الجوهر جوهر كما أن صور الأعراض أعراض وماهية الجوهر ليست في العقل بالصفة المذكورة بل هي موجودة فيه لا كجزء منه.
فإذن مفهوم الجوهر الذي يصلح للتجنيس هو ما يعبر عنه بأنه الشيء ذو الماهية المتقررة