واستخدام بعض الملائكة إياها بل فعلها بالذات تقليل الرطوبات وهذا التقليل نافع في حفظ الحياة ما دامت الرطوبات زائدة في البدن الحي ضار ما دامت ناقصة.
فالتقليل فعلها بالذات وكل واحد من النفع والضرر فعلها بالعرض بخلاف فعل الصورة في مادتها فإنه ليس إلا التكميل والحفظ فكيف تأدى بالطبع إلى إفساد مادتها وظني أن كل من له قدم في المعارف الحكمية يعرف أن الأفاعيل الطبيعية متوجهة بالذات إلى ما هو خير وكمال ومؤثر وملائم ولا تتوجه بشيء من الأشياء في سلوكه بالطبع نحو شيء مناف له مضادة إياه بل يجب أن يكون نسبة السالك إلى ما يسلك إليه نسبة النقص إلى التمام والضعف إلى القوة.
ولهذا يقال في تعريف الحركة: كمال ما بالقوة من حيث هو بالقوة..
كيف وقد ثبت بالبرهان والكشف أن الأشياء طالبة للخير الأقصى والصمد القيوم الذي هو منبع كل حياة وكمال وشرف وجمال.
والطلب الطبيعي للحياة المحضة والوجود المحض لا يكون إلا بورود مراتب الحياة للطالب لا بورود مراتب الفساد والموت.
فالتحقيق في هذا المطلب يحتاج إلى إظهار شيء مما يذوقه أهل المشرب.
وقد لوحنا إليه في أسفارنا فمن هناك ينبغي أن يطلب من خلق لأجله بشرط أن يضن به على غير أهله.
فصل في تكون الحيوان أن الأجسام العنصرية إذا امتزجت امتزاجا أشد اعتدالا وأوغل في التوسط من النبات تهيأت لقبول النفس الحيوانية.
وهي كمال أول لجسم طبيعي آلي ذي حياة بالقوة من شأنه أن يحس ويتحرك بالإرادة.
فالكمال جنس يتناول المحدود وغيره لأنه عبارة عما يتم به النوع سواء في ذاته أو في توابع ذاته.
لا يقال: النفس جوهر والكمال من باب المضاف فكيف يصلح جنسا لها لأنا نقول: التحديد ليس لماهية النفس بل لها من جهة كونها نفسا واسم