يلازم ذلك ويترك البقية وإذا لم يمكن الجمع بين الأوضاع بالفعل وأمكن الجمع على سبيل التعاقب مع بقاء النوع قصد أن يكون كل وضع له بالفعل وأن يستديم جميعها بطريق التعاقب ليكون نوع الأوضاع دائما له بالفعل كما أن الإنسان لما يمكن بقاء شخصه بالفعل دبر لبقاء نوعه بطريق التعاقب والحركة الدورية أيضا لها خاصية في كونها على نهج واحد من غير تغير وتفاوت في الشدة والضعف بخلاف الحركات الطبيعية والقسرية فإن الطبيعية تغيرت إلى الحدة في أواخرها بسبب القرب من الحيز الطبيعي والقسرية تغيرت إلى الفتور في أواخرها بسبب البعد من الحيز الطبيعي والدورية تستمر على وتيرة واحدة.
فإذن الجسم السماوي مهما تكلف استبقاء نوع الأوضاع لنفسه بالفعل على الدوام فقد تشبه بالجواهر الشريفة العقلية لغاية ما يمكن في التشبه عبادة لرب العالمين وقربانا إليه لأن معنى العبادة طلب التقرب ومعنى التقرب طلب القرب في الصفات لا في المكان لعدم إمكانه.
فحركات السماوات صلواتها لأجل تقربها إلى الحق الأول وهو المحرك للكل والغرض الأقصى والبغية العظمى للموجودات.
فسبحان الذي يرجع إليه كل شيء كما يبدأ عنه كل شيء ومنه البداية وإليه النهاية.
فصل في كيفية صدور الأشياء عن المدبر الأول وقد علمت أن الموجود الأول واجب الوجود من جميع جهاته ولا كثرة له بوجه من الوجوه. وهو إحدى الذات إحدى الصفات إحدى الفعل. وأن لا صفة له إلا وجوب الوجود وسائر الصفات يرجع إليه وهو يرجع إلى ذاته.
فنقول: لا فعل له إلا إفاضة الوجود وجميع الصفات الفعلية له راجعة إلى الإبداع للوجود والإفاضة