الثانية في الكبير أيضا أن جانب الرحمة أرجح من جانب العذاب والعقوبة.
ثم إنه تعالى ذكر في أهل العذاب أغرقوا فأدخلوا نارا والفاء للتعقيب والتعذيب مشروط بالحياة.
وأيضا قال: النار يعرضون عليها غدوا و عشيا وإذا جعل أهل العذاب أحياء قبل القيامة لأجل التعذيب فلأن يجعل أهل الثواب أحياء قبل القيامة كان أولى.
الثالثة ما روى ابن عباس أن النبي ص قال في صفة الشهداء: إن أرواحهم في أجواف طيور خضراء وإنها ترو من أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتسرح في الجنة حيث شاءت وتأتي إلى قناديل من ذهب تحت العرش فلما رأوا طيب مسكنهم ومطعمهم ومشربهم قالوا يا ليت قومنا يعلمون ما نحن فيه من النعم وما صنع الله بنا كي يرغبون في الجهاد فقال أنا مخبر عنكم ومبلغ إخوانكم ففرحوا بذلك واستبشروا فأنزل الله هذه الآية.
وسئل ابن مسعود عن هذه الآية فقال: سألنا عنها فقيل لنا إن الشهداء على نهر بباب الجنة في قبة خضراء وفي رواية: في روضة خضراء.
وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله ص لأبي عبد الله: ما ذا تحب فقال: يا رب أحب أن تردني إلى الدنيا فأقاتل فيك مرة أخرى. فالروايات في هذا الباب بلغت حد التواتر فكيف يمكن إنكارها.
فصل في أن النفس الإنسانية لا يتناسخ من بدن إلى آخر في الدنيا سواء كان إنسانيا وهو المسمى بالنسخ أو حيوانيا وهو المسخ أو نباتيا وهو الفسخ أو جماديا وهو الرسخ نعم النفوس الإنسانية نشات مختلفة في دار أخرى غير هذا الدار. وأما التناسخ بمعنى صيرورة النفس بحسب النشأة الأخروية مصورة بصورة حيوانية أو نباتية أو