أحال بيانها إلى نظر الفلسفة الغير المناسب لكتاب الطب.
وفي سائر كتبه الحكمية التي رأيناها حكم على أن الذاكرة هي الحافظة ولكن باعتبار آخر.
وذهب الحكيم الطوسي إلى أن الذكرة ليست من القوى البسيطة بل قوة مركبة من قوتين كما أن فعلها تركيب من فعلين لأن الذكر عبارة عن ملاحظة المحفوظ وذلك لا يتم إلا بإدراك ثان مبدؤه الوهم وحفظ مبدؤه الحافظة.
والمسترجعة أيضا مبدأ فعل يتركب من ثلاثة أفعال: الحفظ وملاحظة المحفوظ بالقوتين المذكورتين وطلب تلك الملاحظة بالقوة الفكرية.
فعلى أي تقدير لا يوجب ازدياد القوى الباطنة عما كانت كما توهمه الإمام الرازي حيث قال: حفظ المعاني مغاير لاسترجاعها بعد زوالها.
فإن وجب أن ينسب كل فعل إلى قوة وجب أن يكون القوى ستا.
فصل في تكون الإنسان وقوى نفسه قد علمت علما برهانيا أن الواجب تعالى وجود مقدس وخير محض بريء عن أنحاء النقص والأعدام والملكات.
وعلمت أن فيضه الأولى وفعله الإبداعي يجب أن يكون جوهرا روحانيا مدركا للأشياء بل الوجود مطلقا فيضه وفعله والعلم والقدرة وسائر الصفات الكمالية من خواص الوجود بما هو وجود ما لم يلحقه ضد ويصادفه مفسد مناف له.
فكل وجود متبرئ عن التضاد والتزاحم فهو عالم بذاته وبما يقارن ذاته كالعقول والنفوس الفلكية العالمة بذاتها وبلوازمها وآثارها وأجرامها التي هي مواضع الشعورات ومظاهر الأمثال والأشباح الخيالية.
وأما الأجسام العنصرية فلاشتمالها على التضاد والتفاسد واستحالة ذاتها وتجدد وجوداتها يوما فيوما لم يكن لها وجود إلا وجودا مستحيلا داثرا عادما للعلم والإدراك