قال المحقق الطوسي في شرح مقامات العارفين ودرجاتهم: العارف إذا انقطع عن نفسه واتصل بالحق رأى كل قدرة مستغرقة في قدرته المتعلقة بجميع المقدورات وكل علم مستغرقا في علمه الذي لا يعزب عنه شيء من الموجودات وكل إرادة مستغرقة في إرادته التي لا يأبى عليها شيء من الممكنات بل كل وجود وكل كمال وجود فهو صادر عنه فائض من لدنه. فصار الحق حينئذ بصره الذي يبصر به وسمعه الذي يسمع به وقدرته التي بها يفعل وعلمه الذي به يعلم ووجوده الذي به يوجد فصار العارف حينئذ متخلقا بأخلاق الله تعالى بالحقيقة. هذه ألفاظه (هذه عبارته خ ل).
بحث وتحقيق قد نوقش في هذا التفريع وترتبه على ما سبق ثم بان صيرورة صفاته تعالى صفات العبد مع أنه غير لازم مما ذكره مخالف للشرع والعقل.
فإن صيرورة صفات الحق التي هي عين ذاته بالحقيقة صفات العبد مستلزم لكون الواجب صفة للممكن وهو مستحيل.
ولك أن تفك هذه العقد بأن السمع والبصر وغيرهما من آلات النفس إنما حقيقة كل منها قوة غير محسوسة يكون بينها وبين النفس المستعمل إياها نوع علاقة علية ومعلولية لأنها من فروع النفس كما أن الملائكة من فروع قدرة الله تعالى وعلمه.
وهذه العلاقة مصححة لأن يقال للنفس إنها سميع وبصير وقادر فالنفس الناطقة مع تجردها ومباينتها للبدن غاية المباينة لكونها جوهرا مجردا نوريا وكونه جرما كثيفا ظلمانيا قد صارت متخلقة بأخلاقه متصفة بصفاته من كونه سميعا بصيرا مشتهيا