تبصرة الحق أن المعاد في المعاد هو بعينه بدن الإنسان المشخص الذي مات بأجزائه بعينها لا مثله بحيث لو رآه أحد يقول إنه بعينه فلان الذي كان في الدنيا.
ومن أنكر هذا فقد أنكر الشريعة ومن أنكر الشريعة كافر عقلا وشرعا ومن أقر بعود مثل البدن الأول بأجزاء أخر فقد أنكر المعاد حقيقة ولزمه إنكار شيء من النصوص القرآنية هذا تحرير المذاهب والآراء.
واحتج المنكرون للمعاد بامتناع إعادة المعدوم كما مر وبأنه لو أكل إنسان إنسانا فالأجزاء المأكولة إن أعيدت في بدن الآكل لم يكن الإنسان المأكول معادا وإن أعيد في بدن المأكول لم يكن الآكل معادا.
ولزم أن يكون أجزاء بعينها منعمة ومعذبة إذا أكل مؤمن كافرا وأجيب في كتب الكلامية عن الأول إما بمنع الاستحالة في إعادة المعدوم أو بمنع توقف المعاد عليها.
وعن الثاني بأن المعاد هو الأجزاء التي منها ابتداء الخلق والله تعالى يحفظها ولا يجعلها جزء كذلك لبدن الآخر. وأن للناظرين في أمر المعاد إثباتا ونفيا مشاجرات.
وما أورده المتكلمون من الكلام لا يفيء بالإلزام والإفحام فالأولى لمن اقتصر في تحقيق الحقائق الدينية على مجرد البحث والجدل من غير أن يسلك طريق القدس في الرياضة العلمية والعملية أن يستفسر من هؤلاء المنكرين المعاندين الذين أخذوا الإصرار في الإنكار أنهم هل يدعون الامتناع أو يمنعون الإمكان والجواز.
فعلى الأول يقال لهم إن عليكم البينة وإثبات ما ادعيتم وما لكم فيما قلتم به من هذا خبر ولا عين ولا أثر وليس فيه إلا عناد واستبعاد.
وعلى الثاني يقال كل ما أزيل ظاهره عن الإحالة والامتناع قام التنزيل الإلهي والأخبار النبوية الصادرة من قائل مقدس عن الغلط والخطاء مقام البراهين الهندسة الهندسية في المعاني الرياضية والدعاوي الجسمانية ومقام الشواهد اليقينية في المعاد الطبيعية.