العالية وانتقالاتها وتفاوت تلك الأجرام عظما وشرفا ونورية فتحدس أن مبدعها ومنورها ومحركها على سبيل التشويق والإمداد ليس بجسم ولا جسماني فقال: إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات و الأرض حنيفا مسلما و ما أنا من المشركين فبملاحظة الحركات يدفع توهم القاصرين من الدهرية في كون الفلكيات هي الغاية القصوى في الوجود.
فثبت أن ما وراءها ما هو أعلى منها وأشرف وهو مبدعها ومحركها على سبيل التكميل والإمداد كما هو في قوله تعالى: فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب.
تذكرة ولهم أيضا في إثبات هذا المطلب مسلك آخر حسن جدا يبتني على معرفة النفس الإنسانية تقريره: أن النفس مجردة عن المادة حادثة مع حدوث البدن بامتناع التمايز واستحالة التناسخ لعدم مطابقة ما منه وما إليه كما سيجيء بيانه إنشاء الله تعالى. فهي ممكنة مفتقرة في وجودها إلى سبب وذلك السبب المرجح لا يجوز أن يكون جسما من حيث هو جسم وإلا لكان جميع الأجسام كذلك لاشتراك معنى الجسمية بينها وليس كذلك بديهة.
ولا قوة جسمانية سواء كانت نفسا أخرى أو صورة طبيعية لما تقرر عندهم: أن تأثير الجسمانيات لا يكون إلا لما حصل لمادته علاقة وضعية ونسبة جسمية بالقياس إليه. فإن تسخين قوة النار إنما يكون لما يكون ملاقيا لجسمها أو قريبا منه