محصل موجود بالفعل والمادة في كل شيء أمر مبهم لا تحصل له ولا فعلية باعتبار أنه قوة شيء ما مثلا مادة السرير وإن صدقت على قطع الخشب لكن لا من حيث لها حقيقة الخشبية وصورتها المحصلة لها فإنها من تلك الحيثية حقيقة من الحقائق وليست مادة بل ماديتها باعتبار صلوحها واستعدادها لأن يكون سريرا أو بابا أو كرسيا.
أما تعصيها وامتناعها عن قبول أشياء أخر غير السرير بعد اتصافها به فليس لجهة قوتها واستعدادها بل لأجل فعليتها واقترانها بهيئة مخصوصة بمنعها عن التلبس بأضداد تلك الهيئة.
فالحقيقة الخشبية لها جهة نقص وجهة كمال فمن جهة نقصها يستدعي كمالا آخر.
إذ ليس هذا الكمال خيرا محضا لا يتصور فوقه كمال.
ومن جهة كونها كمالا يمتنع عن كمال آخر غيرها.
ومن هاتين الجهتين ينتظم كون السرير ذا مادة وصورة.
وكذا نقول مادة الخشب هي العناصر لا من حيث كونها أرضا أو ماء أو غيرهما بل من حيث بالامتزاج لأن يصير نوعا من الأنواع الجمادية والنباتية والحيوانية وغيرها من الأشياء المخصوصة دون غيرها لأجل العلة التي ذكرناها وصورتها الخشبية وهكذا إلى أن ينتهي إلى مادة لا مادة لها ولا فعلية إلا كونها جوهرا مستعدا لأن يصير عين كل شيء بلا تخصص في ذاتها لواحد واحد لعدم كونها إلا قابلا محضا وقوة صرفة وإلا يلزم التسلسل أو الدور كما يظهر مما بينا فهي مادة المواد وهيولى الهيوليات.
عقد لوحي وحل عرشي ولعلك تقول: إذا كان كل هيولى أولى قوة محضة وإمكانا صرفا وإبهاما محضا فما الفارق بين الهيوليات فإنهم ذهبوا إلى أن لكل واحد من صور الأفلاك الكلية هيولى خاصة سوى العناصر ثم ما الفرق بين العقل الهيولاني القابل للصور العقلية وبين الهيولى للصور المحسوسة وبحسب ذاتيهما مع قطع النظر عما يحل فيهما والحال أن كل واحدة من حيث هيوليتها فاقة محضة واستعداد بحت.
فاستمع ما يتلى عليك وتلطف في سرك وتأمل فيما يرد عليك: