تنبيه وتنصيص فكما أن ماهية ما لا تفيد وجودها كما علمت سابقا كذلك لا تفيض على نفسها ما هو صفة كمالية للوجود بما هو وجود كالعلم والقدرة وأمثالهما.
وكما أن مفيض الوجود ليس مسلوب الوجود في مرتبة كذلك واهب الكمال لا يجوز أن يكون ممنوعا في حد نفسه إذ المفيض لا محالة أكرم وأمجد من المفاض عليه.
فإذن كان كل من الوجود وكمالات الوجود يجب أن ينتهي إلى ما هو قائم بذاته غير معلول لشيء.
ويجب أن يكون جميعها واحدا حقيقيا لنفي تعدد الواجب بالذات. وكما أن النظر في مفهوم الوجود أدانا إلى إثبات الوجود القائم بذاته فكذلك النظر في مفهوم العلم والقدرة يؤدي إلى علم وقدرة لا يزيدان على شيء ولا يقومان به وكذلك في سائر الصفات الكمالية للموجود بما هو موجود.
والشيخ الرئيس قد نص على ما ذكرناه في التعليقات حيث قال:
يجب أن يكون في الوجود وجود بالذات وفي الاختيار اختيار بالذات وفي الإرادة إرادة بالذات وفي القدرة قدرة بالذات حتى تصح أن تكون هذه الأشياء في شيء لا بالذات.
وإليه أشير في الكتاب الإلهي بقوله تعالى: و فوق كل ذي علم عليم. ومن الإقناعيات أن الوجدان السليم حاكم بأن ذاتا تكون لها في نفسها من الكمالات ما للمحفوفة بها فهي أكمل وأشرف منها فلو لم يكن كماله تعالى ومجده نفس حقيقته المقدسة بل مع اللواحق للزم تصور ما هو أكمل وأشرف منه تعالى. وهو ما يكون اتصافه بهذه الصفات بنفس ذاته وهذا محال.
إذ لا يتصور شيء أكمل وأشرف من صرف الوجود المتأكد الذي هو فعلية محضة يستفيض منه سائر الماهيات الوجود