فصل في إثبات أن النبي ص لا بد وأن يدخل في الوجود وأن يعتقد به ويؤمن بأن الله هو الذي أرسله ليظهر دينه وليعلم الناس طريقة الحق ويهديهم إلى صراط مستقيم هو صراط الله العزيز الحميد.
وذلك أن الإنسان مدني بالطبع لا ينتظم حياته إلا بتمدن واجتماع وتعاون لأن نوعه لم ينحصر في شخص ولا يمكن وجوده بالانفراد فافترقت الأعداد واختلفت الأحزاب وانعقدت ضياع وبلاد فاضطروا في معاملاتهم ومناكحاتهم وجناياتهم إلى قانون مطبوع مرجوع إليه بين كافة الخلق يحكمون به بالعدل وإلا تغالبوا وفسد الجميع واختل النظام لما جبل عليه كل أحد من أنه يشتهي لما يحتاج إليه ويغضب على من يزاحمه. وذلك القانون هو الشرع.
ولا بد من شارع يعين لهم منهجا يسلكونه لانتظام معيشتهم في الدنيا ويسن لهم طريقا يصلون به إلى الله ويذكرهم أمر الآخرة والرحيل إلى ربهم وينذرهم بيوم ينادون فيه من مكان قريب وتنشق الأرض عنهم سراعا ويهديهم إلى صراط مستقيم ولا بد أن يكون إنسانا لأن مباشرة الملك لتعليم الإنسان وتصرفه فيهم على هذا الوجه فيهم ممتنع ودرجة باقي الحيوانات أنزل من هذا.
ولا بد من تخصصه بآيات من الله دالة على أن شريعته من عند ربه العالم القادر الغافر المنتقم ليخضع له النوع ويوجب لمن وقف لها أن يقر بنبوته وهي المعجزة.
وكما لا بد في العناية الإلهية لنظام العالم من المطر مثلا والعناية لم يقتصر عن إرسال السماء مدرارا فنظام العالم لا يستغني عن من يعرفهم موجب صلاح الدنيا والآخرة.
فانظر إلى لطفه ورحمته كيف جمع لخلقه بإيجاده ذلك الشخص وبين النفع العاجل في الدنيا والآجل في العقبى وكيف خلق هذا لأجل النظام نعم من لم يهمل إنبات الشعر على الحاجبين وتعقير الأخمصين في القدمين كيف يهمل وجود رحمة للعالمين وسائق للعباد إلى رحمته ورضوانه في النشأتين.
فهذا هو خليفة الله في أرضه