النسل.
وقد خلق الغذاء سببا للحياة وخلق الإناث سببا للنسل فخلقا للحرث والنسل إلا أنه ليس يختص المأكول ببعض الآكلين ولا المنكوح ببعض الناكحين فإن الغرض في الخلقة سياق الجمع إلى جوار الله تعالى ومحل كرامته لشمول عاطفته وعموم رحمته للكل فلو ترك الأمر في الأفراد سدى ومن غير تعريف قانون مضبوط في التقسيمات والتخصيصات لتهارشوا وتقاتلوا وشغلهم ذلك عن سلوك الطريق والسير إلى الخلق بل أفضى لهم إلى الإفساد.
فشرعت للشريعة الإلهية ضوابط الاختصاصات بالأموال في أبواب عقود المبايعات والمعاوضات والمداينات وقسمة المواريث ومواجب النفقات وقسمة الغنائم والصدقات وفي أبواب العتق والكتابة والاسترقاق والسبي وعرف كيفية التخصيص عند الاستفهام بالأقارير والأيمان والشهادات.
وشرعت أيضا قوانين الاختصاص بالمناكحات في أبواب النكاح والطلاق والرجعة الخلع والصداق والإيلاء والظهار واللعان وأبواب محرمات النسب والرضاع والمصاهرات.
وأما أسباب الدفع للمفاسد فهي العقوبات الزاجرة عنها كالأمر بقتال الكفار وأهل البغي الظلم والحث عليه والحدود والغرامات والتعزيرات والكفارات والديات والقصاص.
أما القصاص فدفعا للسعي في إهلاك الأنفس والأطراف.
وأما حد السرقة وقطع الطريق فدفعا لما يستهلك به الأموال التي هي أسباب المعاش.
وأما حد الزنا واللواطة والقذف فدفعا لما يشوش أمر النسل والأنساب ويفسد طريق التحارث والتناسل.
وأما جهاد الكفار وقتالهم فدفعا لما تعرض من الجاحدين للحق من تشويش أسباب المعيشة والديانة اللتان بهما الوصول إلى الله تعالى.
وأما قتال أهل البغي فلما يظهر من الاضطراب بسبب انسلال المارقين عن ضبط السياسة المدنية التي يتولاها حارس السالكين إلى جوار الله تعالى وكافل المحققين نائبا عن رسول رب العالمين لحفظ حدود الله والأحكام الدينية والدنيوية من الحلال والحرام...