تعالى إلى الأشياء إضافة واحدة بحسب المعنى والمفهوم وهي إما مرتبة ترتبا سببيا ومسببيآ على حسب ترتب معلولاته فلا يوجب تكثرا في ذاته تعالى كما لا يوجب صدور الأشياء الكثيرة المرتبة تكثرا في ذاته تعالى. وهذا ما قالت الفلاسفة إن نسبة الأول إلى الثاني أم جميع النسب.
وإما متجددة على حسب تجدد متعلقاتها المتجددة المتصرمة في أنفسها وبقياس بعضها إلى بعض فلا يوجب تغيرا في ذاته تعالى لأنها بالقياس إلى ذات الواجب في درجة واحدة لا يتجدد ولا يتصرم بل التجدد والتصرم والحضور والغيبة إنما يتحقق للمسجونين في سجن الزمان المطمورين في كوزة المكان.
وأما العوالي والشوامخ فذواتها مبرئة عن علوق هذه المعاني بهم.
فما ظنك بما هو أعلى وأشمخ منها وهو إله كل عقل ونفس فهو أعلى وأقدس من أن يقع في التغير والتجسم كما قال السري السقطي: ليس عند ربك صباح ولا مساء.
يعني إن نسبة ربك المتنزه المتعالي عن وصمة التغير والتجدد إلى جملة الأمور المتجددة المتعاقبة نسبة واحدة ومعية قيومية غير زمانية. وإدراكه محتاج إلى لطف قريحة.
ومن هنا يظهر معنى كلام الشيخ الرئيس في التعليقات: الأشياء كلها عند الأوائل واجبات ليس هناك إمكان البتة فإذا كان شيء لم يكن في وقت فإنما يكون من جهة القابل لا من جهة الفاعل فإنه كلما حدث استعداد من المادة حدث فيها صورة من هناك إذ ليس هناك منع وبخل. فالأشياء كلها هناك واجبات لا تحدث وقتا وتمنع وقتا ولا تكون هناك كما تكون عندنا.
فصل في علمه تعالى بذاته ولنمهد لبيانه مقدمات:
الأولى أن الحكماء لما أحالوا اتصاف معدوم مطلق بأحكام وجودية حكموا بأن