في الأجوبة عن أسئلة بهمنيار بصعوبة الفرق بين الإنسان وغيره من الحيوانات في الشعور ببقاء الذات وسنسمعك في الفرق بينهما ما فيه كفاية إن شاء الله.
حجة أخرى قريبة المأخذ مما قبلها وهي أن نفس الإنسان وذاته مشعور بها في جميع الأوقات حتى وقت النوم والسكر والإغماء فما من جزء من أجزاء بدنه من قلب أو دماغ أو روح بخاري إلا وهو ينساه أحيانا وأكثر الإنسان ما أدركه أو أدركه بتشريح أو تعليم من غيره وأدرك ذاته دائما.
فما يدركه دائما غير ما ينساه أحيانا ولو كان جملة بدنه أو شيئا منها أو عرضا قائما بها أو بجزئها لما استمر شعوره بذاته مع نسيانها فالمشعور به في جميع الأوقات غير البدن وأحواله ولا جسم آخر وأحواله وهو ظاهر.
حجة أخرى على كون محل الحكمة قوة عقلية ليس آلة جسمانية وهي أن للآلات الجسمانية في إدراكاتها الحسية علامات لا يوجد شيء منها في القوة التي يدرك الحكمة والمعارف الإلهية فيعلم أن إحداهما غير الأخرى.
العلامة الأولى أن القوة الجسمانية إذا أصابت آفة لها فإما أن لا يدرك وإما أن يضعف إدراكها أو يغلط فيه.
الثانية أنها لا تدرك آلتها إذ البصر لا تدرك نفسه ولا آلته.
الثالثة لو كان فيها كيفية مستقرة لا تدركها حتى أن سوء المزاج إذا صار متمكنا من البدن جوهريا فيه مثل الدق لم تدركه قوة اللمس.
الرابعة أنها لا تدرك نفسها فإن الوهم لو أراد أن يتوهم نفسه لم يمكنه.
الخامسة أنها إذا أدركت شيئا قويا لم يمكنه إدراك الضعيف عقيبه إلا بعد زمان.
ولهذا لم يسمع الصوت الضعيف عقيب الشديد لاشتغال الحس بذلك المدرك