فصل فيه إشارة جميلة إلى أسرار الشريعة وحكمة التكاليف تمهيد حقيقة الإنسان كما أومأنا إليها حقيقة جمعية وحدتها كوحدة العالم وحدة تأليفية ذات مراتب كثيرة متفاوتة في التجرد والتجسم والصفاء والكدر والنور والظلمة.
وكما أن جملة العالم لها طبقات كثيرة متفاوتة في الشرف والخسة إلا أن لها ثلاث أجناس في كل جنس طبقات لا يحصي عددها إلا الله والأول عالم العقل وله مراتب كثيرة.
والثاني عالم المثال والخيال المنفصل على مراتب متفاوتة أقصاها يصاقب أدنى عالم العقول (يعاقب خ. ل).
والثالث عالم الجرم على طبقاتها من أعلى الأفلاك إلى أدنى الأرضين والجرم الأعلى في اللطافة بحيث يشابه به أدنى عالم المثال والجميع شخص واحد مظهر لجميع أسماء الله تعالى التي هي على كثرتها عين الوجود الحق تبارك وتعالى.
ثم كل مرتبة من مراتب العالم كموضوع ومادة للمرتبة التي هي أعلى منها وتلك بعينها صورة متقومة وفاعل وغاية لمرتبة هي تحتها وهكذا في النزول إلى مادة الكل التي هي الهيولى ولها غاية الخسة. وفي الصعود إلى صورة الصور وفاعلها وغاية الغايات الإمكانية وهو عقل الكل وسيد الممكنات والعبد الأعلى والممكن الأشرف والحقيقة المحمدية ص على لسان التصوف وهو الأول في البغية والتعقل والآخر في الدرك والعمل إلا أن هاهنا التعقل عين الوجود والوجود عين التعقل فكذلك جملة الإنسان منتظمة من جميع هذه المراتب والحقائق يوجد فيه حقيقة كل العوالم فهو قابل في ذاته لجميع النشئات العقلية والنفسية مستجمع لجميع العوالم الغيبية والحسية.
وكما أن مجموع العالم الذي يقال له الإنسان الكبير مظهر الأسماء الإلهية تفصيلا فالإنسان الكامل مظهرها إجمالا فهو مظهر لأسماء الله. وكما أن طبقات