بغيره فيكون ذا حاجة إلى غيره في صفة كمالية له فلا يكون غنيا مطلقا.
فكل غني مطلق يجب أن يكون فعله أعلى من أن يكون بإرادة زائدة على ذاته لامتناع أن يكون شيء من الأشياء أشرف من ذاته حتى يكون داعيا له في فعله وباعثا له عليه بعد أن لم يكن ذاته كذلك فليس ذاته غنيا من كل الوجوه.
فالحق الأول كما أنه غني في ذاته لوجوب وجوده فكذلك هو تعالى غني في فعله.
فهو الغني المطلق فكل ما سواه لإمكانه فقير إليه تعالى كما ورد في القرآن المجيد:
و الله الغني و أنتم الفقراء.. [أنتم الفقراء إلى الله و الله هو الغني] فصل في أنه تعالى مبتهج بذاته وأن عنده من المعنى الذي يعبر عن نظيره في حقنا باللذة والغبطة والفرح والسرور بجمال ذاته وكمالها ما لا يدخل تحت وصف واصف.
وأن للملائكة المقربين الذين سيقام البرهان على وجودهم لهم من الابتهاج واللذة بمطالعة جمال الحضرة الربوبية ما يزيد على ابتهاجهم بكمال أنفسهم.
ونبين هذا بعد تمهيد قواعد:
الأولى أن يعرف معنى اللذة والألم.
فاللذة عبارة عن إدراك الملائم. والألم عبارة عن إدراك المنافر.
ولا ينبغي أن يظن أن كل واحد منهما عبارة عن صفة تتبع الإدراك للملائم أو المنافر بل الإدراك اسم عام وهو منقسم إلى لذة وألم وما ليس بأحدهما فهو غير زائد على الأقسام.
والثانية أن يعرف أن ملائم كل قوة فعلها الذي هو مقتضى طبعها من غير آفة وعائق.
فمقتضى القوة الغضبية الغلبة وطلب الانتقام ولذتها به.
ومقتضى طبع الشهوة الذوق. ومقتضى الخيال الوهم والرجاء وبه يلتذ. وهكذا كل القوى.
الثالثة أن الكامل يقوى فيه القوى الباطنة على القوى الظاهرة ويستحقر