عاملة فبالأولى تدرك التصورات والتصديقات وتسمى بالعقل النظري والقوة النظرية وبالثانية تستنبط الصناعات الإنسانية وتعتقد القبيح والجميل فيما تفعل وتترك كما أن بالنظرية تعتقد الحق والباطل فيما تعقل وتدرك وتسمى بالعقل العملي والقوة العملية وهي التي تستعمل الفكر والروية في الصنائع المختارة للخير أو ما يظن خيرا في العمل.
ولها الجربزة والغباوة والتوسط بينهما يسمى بالحكمة العملية التي هي من الأخلاق لا من العلوم النظرية أو العملية اللتين كلما كانتا أكثر وأشد كان أفضل.
وهذه القوة خادمة للنظرية مستعينة بها في كثير من الأمور ويكون الرأي الكلي عند النظري والرأي الجزئي المعد نحو المعمول عند العملي.
فصل في خواص الإنسان اعلم أن الإنسان لاشتماله على نفس مجردة له خواص لا توجد في غيره من الحيوانات.
وأول ذلك النطق الظاهري وذلك لاحتياجه في معيشته وتمدنه إلى اللباس والغذاء الحاصلين له بنوع من التعاون والمعاملة والمعاوضة والمشاركة.
لأنه حيث خلق لمعرفة الرب تعالى والسفر إلى دار الآخرة يحتاج إلى استعمال قوى إدراكية موضعها جسم لطيف لين سريع التغير والانفعال سهل القبول للكيفيات والأشكال أزيد من أبدان غيره من الحيوانات فلا محالة لا يكفي إهابه وجلده للتوقي من الحر والبرد الحاصلين فيما يحويه من طبقة الهواء فلم يكن لباسه طبيعيا.
وكذلك البدن الذي هو موضوع لنفسه حيث يكون في غاية الاعتدال.
ويكون كل واحد من نفسه وبدنه مستدرجا في البلوغ إلى الغاية محوجا إلى البقاء الدنيوي مدة ما.
ولتحلل البدن دائما يفتقر إلى ورود بدل من الغذاء فلم يتغذ من أي جسم كان إذا الغذاء يجب أن يكون مزاجه قريبا من مزاج المغتذي حتى يمكن أن يصير بعد تصرف