والألطاف القيومية فاستراحت نفسي من إقرارهم وإنكارهم وخلصت من إضرارهم وأسرارهم فأطلعني الله على أسرار ورموز لم أكن أطلع عليها إلى ذلك الزمان وانكشف لي حقائق لم يكن منكشفة هذا الانكشاف من الحجة والبرهان من المسائل الربوبية والمعارف الإلهية وتحقيق النفس الإنسانية التي هي سلم المعارف ومرقاة العلوم وغيرها من أحوال المبدإ وأسرار المعاد وخصوصا هذه المسألة التي نحن بصدد بيانها على وجه يسع له البحث والبرهان دون ما انكشف للضمير بقوة الإيمان إذ ليس يحتمله الأذهان ولا يفي به العبارة والبيان ولنمهد لبيانه أصولا.
الأصل الأول أن تحصل كل ماهية تركيبية نوعية إنما يكون بفصله الأخير وباقي فصوله البعيدة وأجناسه إنما هي شرائط وأسباب خارجة لوجود ذلك النوع وإنما دخولها في الحد بما هو حد دون المحدود لأن الحد هو مجموع مفهومات عقلية صادقة على نفس ذات الشيء والمحدود هو نحو وجوده وحقيقته كما قررنا في المبحث الماهية من الأسفار الأربعة وكثيرا ما يكون في الحد تركيب وزيادة لا يكون هو في المحدود كما ذكر في كتاب الشفا ومثل بالقوس فإنها يدخل في حدها الدائرة لا في ذاتها وإن كان الحد عين المحدود بحسب الذات وكذا كل مركب طبيعي يكون له صورة طبيعية إنما يكون تحصله ووجوده بنفس صورته المنوعة والمادة إنما يحتاج إليها لأجل قصور الوجود عن الاستقلال والتفرد عن العوارض اللاحقة التي زوالها يوجب عدم الشيء الطبيعي وتلك العوارض هي المسماة بالمشخصة حتى أنه لو أمكن وجود صورة الشيء مجردة عن مادته لكان هي بعينها ذلك الشيء بلا نقصان.
وصور بسائط العناصر وإن كانت عند حدوث الصورة الجمادية أو النباتية أو الحيوانية موجودة غير منخلعة كما توهمه بعضهم في قريب زمان الشيخ على ما حكاه في القانون وتابعهم السيد السند الشيرازي ولا يكذبه الوجود كما يشاهد بالقرع والأنبيق لكن غير داخلة عندنا في قوام تجوهر شيء من المواليد الثلاثة.
وبالجملة كل حقيقة نوعية فإنما هي تلك الحقيقة بعينها بصورتها لا بمادتها فإن