الآثار والأفاعيل من الحيوان كما علمت.
تنوير استفادى إن هذا البخار اللطيف المسمى بالروح أحد موضوعات علم الطب الطبيعي الجسماني كما أن الروح المجرد الذي هذا ظله أحد موضوعات العلم الإلهي والطب الروحاني الذي يبحث عنه الأنبياء والرسل المؤيدون بالإلهام والوحي.
ولذا قيل تقريبا للأفهام إن الأنبياء ع أطباء النفوس كما أن الأطباء أنبياء الأبدان.
ونقل أيضا في الحكمة العتيقة أن النبي خادم القضاء والأمر الإلهي كما أن الطبيب خادم للطبيعة ومقتضاها.
فمن أحوال هاتين الروحين نشأ العلم بأحكام العالمين: الدنيا والآخرة والملك والملكوت.
فالعلم علمان: علم الطب الذي هو علم الأبدان والغرض منه حفظ صحة هذا الروح الجسماني بتأييد علماء الأبدان.
وعلم الإلهيات الذي هو علم الأديان من معرفة الحق الأول ورسله واليوم الآخر الذي هو مفارقة النفس عن البدن وموضوعها النفس.
وهذا المعرفة إنما حصلت على التمام للأنبياء المؤيدين بالوحي والإلهام ثم لغيرهم من الأولياء والربانيين من العلماء وجميعهم من علماء الآخرة المأخوذة علومهم من ملائكة الله تعالى.
وأما معرفة الروح الجسماني وعوارضه الذاتية وقواه فيمكن تحصيله بنحو آخر من تجربة أو قياس أو استقراء بخلاف الروح التي هي الأصل وهي سر من أسرار الله تعالى لا يمكن توصيف حقيقتها وماهيتها ولا رخصة في تعريفها وتحديدها إلا بأن يقال هو أمر رباني كما قال الله تعالى: قل الروح من أمر ربي.
والأمور الربانية لا يحتمل العقول توصيفها بل تتحير في الحكم بوجودها أكثر الخلق فلا يدرك بالقياس الفكري حقيقتها بل بنور آخر أعلى وأشرف من العقل