في الآخرة بالشقاوة التي هي في مقابلة تلك السعادة.
وأما المتوسطون في ما بين هذه الأطراف فلهم طبقات يمكن معرفة أجناسها وضبطها في عدد كما سنشير إليه إن شاء الله تعالى.
تتميم تحصيلية إن النفس الإنسانية في مبادي تكونها وأوائل خلقتها هي بالقوة في نشئاتها الثلاث لكونها أولا قبل قوام وجودها في مكمن الإمكان وكتم الخفاء في مجموع إدراكاتها الثلاثة التي بها يتصل إلى العوالم الثلاثة وهي الحس لإدراك عالم المحسوسات والشهادة والخيال لإدراك عالم الغيب والملكوت والعقل لإدراك عالم الربوبية وجبروت الحق تعالى.
ولها في تحصيل كل من النشئات مراتب كمراتبها في العاقلية والمعقولية فمراتبها في التعقل كما مر هي العقل الهيولاني والملكة وبالفعل والمستفاد وهي مراتب متعاقبة فكذلك لها مراتب من الإحساس والتخيل وتلك المراتب قوة واستعداد وكمال وفوق الكمال.
فالقوة لها في الإحساس كما للطفل من الكتابة به هي عند كونه جنينا لم يلجه الروح والاستعداد لها فيه كما للأمي المحصل لأسباب الكتابة ولكنه لم يتعلم بعد صنعة الكتابة وهي عند كونه في الرحم بعد والكمال فيه كما للمتعلم لها والقادر على صنعتها متى شاء لأجل زوال الموانع الداخلة وهي بعد تولدها وخروجها عن الرحم ووقوعها في فضاء الدنيا وإن كان مع تعطل الحواس عن فعلها لمانع كالنوم أو التغميض أو غيره.
وفوق الكمال فيه كما في حالة الكتابة بالفعل وإنشاء النقوش المكتوبة بالفعل لأجل زوال الموانع الخارجية أيضا وهي عند إحساسها بالفعل لاستجماع الشرائط ودفع الموانع وكذلك قياس مراتب التخيل.
فالإنسان استوفى في هذا العالم درجات القوة والاستعداد والكمال وفوق الكمال في باب الحاسية والمحسوسية لكون نفسه ما دام الكون الدنياوي هي تمام العالم الحسي