وأما أنه غير مفتقر إلى البدن في فعله فلأنه قد صح لنا أن المعقولات المفروضة التي من شأن القوة الناطقة أن يعقل بالفعل واحدا واحدا منها غير متناهية بالقوة.
وقد حقق أيضا أن الشيء الذي يقوى على أمور غير متناهية بالقوة لا يجوز أن يكون جسما أو قوة في جسم فثبت أن الذات المتصورة للمعقولات ليس بجسم وبقوة فيه.
ومن ظن فعل أن المتخيلة أيضا كذلك لإمكان التخيل الغير المتناهية فقد أخطأ فإنه ليس لمتخيلة الحيوان أن يتخيل أي شيء اتفق مما لا نهاية له في أي وقت كان ما لم يقترن معها تصرف الناطقة وكذا من توهم أن النفس قابلة للصور العقلية فقط والمبرهن على امتناعه هو الفعل الغير المتناهي في الجسمانيات لا الانفعال فإن الهيولى ذات قوة قابلة غير متناهية لأن قبول النفس في كثير من أشياء لا نهاية لها قبول تعد تصرف فعلي. مما يبين ذلك أن النفس تتصرف في المعلوم وتنتقل من معلوم إلى معلوم وتستخرج النتائج من المقدمات بالتركيب والتحليل للصور التي يكون حاصلة عندها وهي وأمثالها أفعال لا انفعال والانفعال نفس حصول الصورة ولهذا ينسب هذه إلى القوة النظرية منها التي هي جهة ارتباطها إلى ما فوقها من المبادي العقلية بالتأثير وتلك إلى القوة العملية منها التي هي جهة ارتباطها إلى ما تحتها من القوة الجسمية.
فصل في إقناعيات واستبصارات واعلم أن براهين تجرد النفس كثيرة مذكورة في كتب الحكماء وقد ذكرنا طرفا منها ومن أراد زيادة فليطلب من هناك. والأولى لسالك طريق الحق أن يهاجر أغراض الطبيعة وتلطف سره عن مكدرات الأجسام ليشاهد ذاته المجردة عن الأحياز والأمكنة ويتحقق لديه أنه لو لا اشتغال