عند أهل الذوق من المتألهين وبالوحدة الحقيقية عند الفيثاغورثيين وبالمرتبة الأحدية وغيب الغيوب عند الصوفية والمقصود واحد والمذاهب إليه متشعبة.
وللناس فيما يعشقون مذاهب والثاني لا يكون ممتنعا لأن المقسم هو الموجود وضعا وفرضا فيكون ممكنا موجودا لا لذاته بل لغيره بحسب المفهوم والفرض. فافهم تنبيه فمصداق حمل الموجود ومطابق صدق الحكم بالموجودية في الواجب لذاته هو ذاته من حيث ذاته بذاته بلا ملاحظة أمر آخر وحيثية أخرى تقييدية أو تعليلية؛ انضمامية أو انتزاعية.
وفي الممكن بواسطة حيثية أخرى غير نفس ذاته فإذن الممكن في الموجودية أو اتصافه بالوجود أو صيرورته موجودا يحتاج إلى مؤثر يؤثر فيه أو جاعل يجعله متحدا مع مفهوم الموجود أو يضمه إليه أو يصيره بحيث ينتزع منه الوجود أو الموجودية بعد ما لم يكن كذلك نحوا من البعدية والقبلية غير إحدى القبليات والبعديات الخمسة المشهورة.
إذ كل ما يغاير شيئا بحسب الذات والمعنى ففي صيرورته إياه أو انضمامه إليه أو انتزاعه منه أو اتحاده به أو حمله عليه أو ما شئت فسمه يحوج إلى علة وسبب بخلاف ما إذا كان شيء عين الذات أو جزء مقوما له فإن توسيط الجعل وتخليل التأثير بين الشيء وذاته أو بينه وبين ما هو ذاتي له بديهي الفساد وأولي البطلان.
فتبين لك مما تلوناه أن ما هو مناط الوجوب الذاتي ليس إلا كون الشيء في مرتبة ذاته وحد نفسه حقا وحقيقة وقيومآ ومنشأ لانتزاع الموجودية ومصداقا لصدق