الأصوات والحروف بل يناسب ذاته وصفاته.
وكيفية وساطة الملك العقلاني في استكمالنا العلمي أن المتخيلات المحسوسة ما لم يحضر في خيالنا لما يحصل منها المعاني الكلية المجردة ولكنها في ابتداء الصبا يكون في حكم الصور المرئية الواقعة في موضع مظلم فإذا كمل استعداد النفس أشرق نور العقل الفعال على الصور الحاضرة في الخيال فوقع منها في صقع النفس المجردات الكلية والمثل العقلية وغيرها كما يقع من الصور الملونات عند إشراق الشمس عليها أمثلة في الأبصار السليمة فالشمس مثال للعقل الفعال وبصيرة النفس مثالها قوة الأبصار والمتخيلات مثالها المحسوسات فإنها محسوسة مرئية بالقوة في الظلام والعين مبصرة بالقوة ولا يخرج إلى الفعل إلا بسبب هو إشراق الشمس فكذلك هاهنا ومهما أشرق هذا النور ميزت القوة العقلية من الصور المكتسبة في الخيال العرضي عن الذاتي والجنس عن الفصل والحقيقة للشيء عن الغريبة منها وأخذتها مجردة عن الغريب الذي ليس ذاتيا فيكون مجردا وكليا وعقليا إذا بطلت جزئيته وضيق وجوده بحذف القيود والمخصصات والتعلقات التي هي عرضية خارجة عن حاق كنه الشيء وأصل تجوهره وقوامه الذي يعبر عنه بالمثال العقلي والمبدإ الفاعلي والمقوم الذاتي الذي سعة وجوده وبسط هويته بحيث يكون نسبته إلى جميع الأشخاص الصادق عليها المتحد بها نسبة واحدة وهذه الطبائع الكلية عنوانات لذوات نورية وهويات عقلية وملائكة قدسية ومثل نورية هي مظاهر أسمائه الله الحسنى الكلية عند أقوام من الصوفية.
فصل في السعادة الحقيقية للنفس من جهة العقل النظري والعقل العملي والشقاوة التي لها بحسبها اعلم أن النفس الإنسانية إذا استعدت بالاستعداد لقبول فيض العقل الفعال بمزاولة أعمال علمية وحركات فكرية ورياضات لطيفة شوقية وآنست بالاتصال به والإلف معه