تستحضر وتذهل من غير نسيان وتنسى. فإن قلتم: حافظها العقل الفعال فليكن هو حافظ الحس المشترك أيضا.
والجواب عنه ما ذكره شارح الإشارات قده هو أن الإدراك حصول الصورة للمدرك لحصوله في الآلة والصورة حالة الذهول غير حاصلة للمدرك وإن كان حاصلة في الآلة.
والعقل الفعال لتمثل المعقولات فيه وامتناع تمثل المحسوسات فيه يصلح أن يكون حافظا للصور المعقولة دون المحسوسات.
والأولى أن يقال: إن الصورة حالة الذهول غير حاصلة في آلة الإدراك ومجرد الحصول في أية آلة كانت ليس إدراكا وإلا لكان حصول الصورة لأي محسوس كان في يد الإنسان إدراكا له.
بل إدراك كل صورة إنما هو بحصول صورته في آلة إدراك ذلك الشيء.
فحصول صور المحسوسات في الحس المشترك إدراك لها سواء حصلت من الحواس كما في المشاهدة أو من معدن الخيال كما في التخيل. وقد تحصل المشاهدة لقوة التخيل أيضا.
فصل في مدرك المعاني والتصديقات الجزئية وهو أيضا اثنان أحدهما القوة الوهمية وهي القوة التي تكون مرتبة في آخر التجويف الأوسط من الدماغ وآلتها الدماغ كله لأنها الرئيس المطلق في الحيوان ومستخدمة لسائر القوى الحيوانية التي مصدر أكثر أفاعيلها الروح الدماغي فيكون كل الدماغ آلة لها.
لكن الأخص بها هو التجويف الأوسط لاستخدامها المتخيلة ومحلها مؤخر ذلك التجويف.
ولا يستلزم كون الشيء آلة لقوة كونه محلا لها ليلزم توارد القوى على محل واحد كما يتوهم.
وهي تدرك المعاني الغير المحسوسة الموجودة في المحسوسات ويحكم أحكاما جزئية كإدراك الشاة معنى في الذئب وكالحكم بأن الولد معطوف عليه.
فإدراك المعاني دليل على وجود قوة بها إدراكها وكونها غير محسوسة دليل