يحاكيها من المحسوسات المرئية فإن تلك المتخيلة تعود فترتسم في القوة الحاسة المشتركة فإذا حصلت رسومها في الحاسة المشتركة انفعلت عن تلك الرسوم القوة الباصرة فارتسمت فيها تلك فيحصل عما في القوة الباصرة منها رسوم تلك في الهواء المضي المواصل للبصر المنحاز بشعاع البصر فإذا حصلت الرسوم عاد ما في الهواء فيرتسم من الرأس في القوة الباصرة التي في العين وانعكس ذلك إلى الحاس المشترك وإلى القوة المتخيلة. ولأن هذه كلها متصل بعضها ببعض يصير ما أعطاه العقل الفعال من ذلك مرئيا لهذا الإنسان. انتهى كلامه.
وأنت تعلم أن طريقتنا أسد وأوثق من هذه وكلام هؤلاء في هذا المقام وإن كان بحسب طريقة البحث وعند أهل الاحتجاب عن مشاهدة الصور الغيبية المعلقة في غير هذا العالم في غاية القوة والمتانة إلا أن من ذاق مشربا آخر يعلم أن الصور الشريفة التي يراها السلاك وأهل الكمال والإلهيون والسفراء أجل من أن يكون منطبعة في قوى إنسانية ومشاعر مادية بل هي مرئية في غير هذا العالم. فالمصير إلى غير طريقة الانطباع في الصور الغيبية.
ضابط عقلي وتقسيم حكمي لو أردت أن تسمع خلاصة القول فيما يقع من النفوس في باب الإخبار عن المغيبات على وجه التقسيم المردد بين النفي والإثبات ليكون ذلك أضبط في الذهن وأحكم في العقل فأصغ إلى ما نقول فاحتفظ به بعد تمهيد أن كل ما وقع وسيوقع من الكائنات فهو محفوظ في الألواح العالية ومضبوط في الجواهر العقلية المستعلية لأنها عالمة بلوازم حركاتها الكلية شاعرة بنتائج مقاصدها وأشواقها العقلية من أشخاص الكائنات وجزئيات الحادثات لأن العلم بالعلل والملزومات غير منفك عن العالم بالمعلولات واللوازم كما مر فصور الكائنات بأسرها موجودة في المدبرات الفلكية. وللكائنات ضوابط كلية محفوظة مرتسمة بقلم الحق الأول على ألواح النفوس لأنها ليست