فصل في بيان المحدد للجهة جهات الحركات الطبيعية المستقيمة لا بد وأن تتحدد بجسم لا يمكن أن يتحرك حركة مستقيمة وإلا كانت الجهة متحددة قبل ذلك الجسم وقبل إمكان حركته وذلك محال.
فالجسم المحدد يلزمه أن يكون بحيث لا يكون وراءه جسم آخر وينتهي به الأبعاد والجهات ليكون محيطا بالأجسام المستقيمة الحركات إحاطة السماء بما فيها بلا اختلاف وتفاوت في أطرافه ونهاياته كما في الأشكال المضلعة والمفرطحة والعدسية فيكون على هيئة أفضل الأشكال ليتصور منه تحديد الجهتين المختلفتين بالطبع والنوع اللتين كل منهما يكون في غاية البعد من الآخر ليكون ذلك الجسم المحدد الذي على هيئة أفضل الأشكال غاية القرب منه حد جهة وغاية البعد منه حد جهة. وأن هاتين الغايتين لا تتحددان في فضاء غير متناه أو ملاء غير متناه كيف كان. بل تتحددان على سبيل المركز والمحيط. فيكون المركز غاية البعد والمحيط غاية القرب ويكون الاختلاف النوعي بين غاية القرب والبعد دالا على اختلاف النوعي بين العلو والسفل.
ولهذا المبحث براهين تركناها مخافة التطويل في الكلام. ومن أراد الاطلاع عليها فليرجع إلى شرح هذا المقام.
فثبت مما ذكر أن الحركات الطبيعية التي للأجسام البسيطة ثلاثة: أولاها ما على الوسط وهي التي تختص بالجسم الأثيري الحي بالذات الذي لا ضد لحركته كما لا ضد لصورته. والباقيتان تختصان بالأجسام الميتة العنصرية وهما اللتان إحداهما إلى المركز للثقل والأخرى من المركز للخفاف (في ش م: إلى المركز للثقال).
فإن الحركة إما على المركز أو منه أو إليه.
والأولى أي المستديرة ذاتية على الإطلاق.
والمستقيمتان لا تعرضان للأجسام العنصرية إلا إذا أحدث فيها حادث غريب وهو الخروج عن أماكنها الطبيعية.
أما أنه لم يعرض هذه الأحوال على هذا الوجه ولم يقتضي الجسم العنصري الحركة حين خروجه عن موضعه الطبيعي على خط مستقيم ولم يقتضي الجسم