التكلم لا ما قام به الكلام كما توهم.
والتكلم بمعنى ما به يحصل الكلام فينا ملكة قائمة بذواتنا بها نتمكن من إفادة مخزوناتنا العلمية على غيرنا.
وفي الواجب تعالى عين ذاته من حيث يخلق الأصوات والحروف في أي موضع كان من الأجسام لإفادة ما في قضائه السابق على من يشاء من عباده.
وما أثبته المتكلمون من الكلام النفسي فإن كان له معنى محصل فيرجع إلى خطرات الأوهام أو تخيل ما يوجد من الكلام ولا شك في براءته تعالى عنه وعن سائر ما يختلقه العوام.
فصل في حكمته تعالى وجوده وغناه حكمته إيجاد الموجودات على أحكم وجه وأتقنه بحيث يترتب عليها المنافع ويندفع عنها المضار.
لأن الحكمة تطلق على أمرين: أحدهما العلم التصوري بتحقق ماهية الأشياء والتصديق بها باليقين المحض المتحقق. (المحقق ع ق) والثاني الفعل المحكم بأن يكون نظما جامعا لكل ما يحتاج إليه من كمال مرتبة ولا شك أن الأول تعالى عالم بالأشياء على ما هي عليه علما هو أشرف أنواع العلوم.
لأن علمه بنظام الوجود هو مبدأ لنظام الكل كما سبق والعلم الذي هو مبدأ الوجود أشرف من العلم المستفاد من الوجود.
وأما أفعاله فهي في غاية الأحكام إذ أعطى كل شيء خلقه ثم هدى وأنعم عليه بكل ما هو ضروري وبكل ما هو زينة وتكملة وإن لم يكن ضروريا بل فضيلة كتقويس الحاجبين وتقعير أخمص القدمين وإنبات اللحية الساترة لتشيخ البشرة في الكبر إلى غير ذلك من لطائف تخرج عن الحصر في الحيوان والإنسان وجميع أجزاء العالم.