ومن الشواهد أن طريقة الأنبياء والأولياء الذين اتفق الجمهور من العقلاء على فضيلتهم وشرف نفوسهم هي الزهد والتقوى والإعراض عن الدنيا والإقبال على الآخرة كمال قال الله تعالى:
و الباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا و خير أملا.
ومن أراد ذلك فليطالع الكتب المشتملة على شرح أحوالهم وطريقتهم سيما طريقة أفلاطون وسقراط وفيثاغورس.
وأما أرسطاليس فاشتغاله بوزارة إسكندر وجمع مال كثير عنده لمصلحة سياسة يراها في نشر الحكمة وبث المعرفة وإفاضة الخيرات ومع هذا جعل أستاده أفلاطون الإلهي الذي غلب عليه أحكام الوحدة والتقدس والخلوة مع الله تعالى والإعراض بالكلية عن عالم المحسوسات ذلك عارا عليه وعيبا.
فلو لم يكن النفس باقية بعد الموت لكان إطباق الفرق الثلاثة الأنبياء والأولياء ص والحكماء رضي الله عنهم في تهجين حب الدنيا وتحسين طلب الآخرة باطلا وطريق الكفرة والدهرية والملاحدة في طلب الدنيا حقا.
ولما كان هذا باطلا بالضرورة وجب القطع بكون النفس باقية بعد الموت.
ومنها كون الإنسان يرى في منامه أباه وأمه ويسألهما عن أشياء وهما يذكران جوابا صحيحا وربما أرشده إلى دفين في موضع لا يعلمه.
وذكر صاحب المطالب العالية أنه قيل إن الفردوسي لما صنف شاهنامج على اسم سلطان محمود وأنه ما قضى حقه كما يجب ضاق قلب فردوسي عن ذلك فرأى رستم في المنام فقال له: إنك مدحتني في هذا الكتاب كثيرا وأنا في زمرة الأموات فلا أقدر على قضاء حقك ولكن اذهب إلى موضع الفلاني واحفر فإنك تجد دفينا فخذه فكان الفردوسي يقول: إن رستم بعد موته كان أكثر كرما من محمود حال حياته.
وروى أيضا أنه كان شيخ فقيه كان إماما في الطوس يسمى بأبي القاسم ما صلى على فردوسي