الصادر بالقصد الأول شيئا واحدا ثم يتكثر بقصد ثان وكانت وجوه الصدورات مختلفة فالصادر عن الحس المشترك هو استثبات الصور المادية عند غيبة المادة ثم يصير مستثبتا للأصوات والطعوم وغيرها بقصد ثان.
وذلك لانقسام تلك الصور وذلك كالإبصار الذي فعله إدراك اللون ثم إنه يصير مدركا للضدين لكون اللون مشتملا عليهما.
وأما النفس فإنما يتكثر فعلها لتكثر وجوه الصدورات عنها.
بحث ومخلص وأنت تعلم أن مفهوم الصورة المحسوسة أمر مبهم لا يتحصل إلا بصورة معينة تعينا نوعيا شخصيا والصادر عن الشيء أولا لا يكون إلا أمرا متعينا.
فكيف يكون الحس المشترك مبدأ لأمر واحد جنسي أولا ولأمور متكثرة نوعية ثانيا ويكون تحصل ما يصدر أولا أقل من تحصل ما يصدر ثانيا بل الأولى أن يجاب عن هذا النقض إما بما يجاب به عن النقض بالنفس أو بأن الإدراكات انفعالات ويجوز أن يكون في مادة واحدة لقوة واحدة انفعالات كثيرة عن مبادي متعددة.
والذي تحقق عندهم أن الواحد لا يصدر عنه إلا فعل واحد لا أنه لا ينفعل إلا انفعالا واحدا.
على أن بناء أصل الاستدلالات على تغاير القوى ليس على مجرد أن الواحد لا يصدر عنه الكثير لعدم جريانه إلا في الواحد الحقيقي بل على ما أشرنا إليه من بقاء بعض منها مع زوال الأخرى.
فالنقض ساقط رأسا. ولهذا عبر المحقق عنه بالمعارضة.
وصاحب المحاكمات لذهوله عما ذكرناه أورد على المحقق وجوها من البحث سهلة الاندفاع بعد الإحاطة بأطراف الكلام.
عقدة وحل وأورد على الوجه الأخير من الاستدلال أن تجويز الحصول في الحافظة حالة الذهول يقتضي القول بأن الإدراك ليس هو حصول الصورة في المدرك بل أمر وراءه.
وعلى ذلك التقدير يحتمل أن يكون الصورة حاصلة في الحس المشترك دائما والاستحضار موقوف على ذلك الأمر.
وأيضا القوة العاقلة ليست لها حافظة مع أنه