نوعيتها ليست مما يتخلف إفاضتها عن إفاضة العناصر لكونها غاية وجود العنصريات وخصوصا نوع الإنسان الذي جاء زبدة العناصر وثمرة الأركان.
فلا يمكن أن يمهل وجود مدة غير متناهية من وجود الأفلاك والعناصر.
فوجود نوعية الإنسان ليس من جهة استعداد القابل من جهة إبداع المبدع الأول إياه بواسطة بعض الوسائط العقلية إنما استعداد المواد لأجل خصوصيات الأشخاص العنصرية دون طبائعها ونوعياتها.
فصل في العناية والتدبير قد علمت أن الحق الأول مبدأ وغاية للكل.
وعلمت الفرق بين الغاية وما هو الضروري بأحد المعاني.
وعلمت أيضا أن كل علة عالية وكل محرك عال غير المبدإ الأعلى فله في فعله غاية هي أرفع منه لكن يلزمها على سبيل العرض ما هو أدون منزلة منه.
وإن الغاية مقصودة بالذات وذلك الضروري مقصود بالتبع وظاهر أن ما يتبع الشريف شريف وإن كان دونه في الشرافة.
فقد صح أن كل مبدأ عال يعقل نظام الخير الصادر منه تبعا لتعقله ما لأجله الفعل أو الحركة وما يتشبه به ويتشوق إليه فيه.
ومعلوم أن خلقة الحيوان والنبات وغيرهما قد روعيت فيها من الحكم والمصالح ما لا يفي ببيان تفاصيلها مجلدات كثيرة.
فتحقق أن عناية الله تعالى مشتملة على الجميع على نحو تفصيلي ولا يكتفي بالعلم الإجمالي كما ظن بعضهم.
فالحق في تحقيق عناية الله تعالى ما بيناه في الأسفار الأربعة.
والإشارة إليه هاهنا هي أن كل وجود له خصوصية معنى لازم له من غير جعل يتعلق به بالذات بل جعله تابع لجعل ذلك الوجود إن كان مجعولا وذلك المعنى هو المسمى عند أهل الله بالعين الثابت. وعند الحكماء بالماهية. وعند بعض العرفاء بالتعين.