وكما أن مقومات الماهيات المتحصلة غير خارجة عن قوام الماهية من حيث هي هي فكذلك مقومات وجودها أو كونها من حيث هي موجودة عند من ذهب إلى أن أثر الفاعل هو وجود الماهية دون نفسها.
نعم حمل الوجود على الذات الواجبة يشبه حمل الذاتيات على الذات إذ الحقيقة الواجبة بنفسها موجودة كما أن ماهية الإنسان بنفسها إنسان وحيوان لا بإفادة جاعل وعلة.
ولكن بينهما فرقا من وجه آخر وهو: أن مطابق الحكم بالماهية على نفسها نفس تلك الماهية ولكن حين صدورها عن الجاعل التام إذ لا ماهية قبل الصدور إلا أنها بعد الصدور عنه يصدق هي على نفسها أزلا وأبدا إذ الماهية من حيث هي ليست إلا هي فالتخصيص بأية حيثية كانت يخرجها عن الإطلاق ويجعلها غير ذاتها المأخوذة على تلك الحيثية الإطلاقية.
وأما مطابق الحكم بالوجود على الواجب تعالى وبأي وصف كمالي له تعالى هو محض ذاته بذاته من دون الاشتراط بحيثية وجودية أو عدمية تعليلية كما في الوجود بالقياس إلى ماهية الممكن أو تقييدية؛ كما في اللواحق للأشياء أو الاشتراط بما دام الوجود كما في حمل الذاتيات على الماهية الإمكانية فتدبر تعرف.
فصل في التجرد لإثبات الواجب الوجود وفيه طرق:
الأولى: طريقة جمهور الحكماء من جهة الإمكان والتغير بحسب الماهية.
أما الأولى فالممكن كما علمت حاله بحسب ذاته ليس إلا سلب ضرورة الوجود والعدم وسلب ضرورة كل صفة ثبوتية أو عدمية ففي اتصافه بالوجود يحتاج إلى مرجح وهكذا الكلام في المرجح إلى أن ينتهي إلى ما هو عين حقيقة الوجود؛