التهود وغيره على استرجاع الريح بعد ذهابها بحيلة يعملونها أو صنعة يصنعونها كذلك الروح ليس من جوهر الجسم ولا الجسم حامل للروح ولا يقدر أحد من القوى والكيفيات المزاجية البدنية على استرجاع النفس إذا فارقت الجسم.
والفرق بين الأجل الطبيعي والاخترامي في مثال السفينة هو أنك إذا علمت أن السفينة إذا هلكت لا يخلو عن حالتين إما الفساد من جهة جرمها أو انحلال تركيبها فيدخلها الماء ويكون ذلك سببا لغرقها واستحالتها وهلاك من فيها إن غفلوا عنها ولم يتداركو بإصلاح حالها كهلاك الجسم وقواه من غلبة أحد الطبائع من تهاون صاحبه به وغفلته فلا يبقى النفس معه إذا فسد مزاجه وتعطل نظامه وتعوجت نسبته وضعفت آلته كما لا يبقى الريح للسفينة والريح موجودة في هبوبها غير معدومة في الموضع الذي كانت قبل هلاك السفينة فتلك النفس باقية في معادها كبقاء الريح في أفقها وعالمها بعد تلف الجسم.
وأما القسم الثاني فيكون هلاك السفينة بقوة الريح العاصفة الهابة الواردة منها على السفينة ما ليس في وسع آلتها حملها ولا القدرة عليها فيضعف الآلة وتكسر الأداة فإن كان من فيها عارفين بموجب التقدير الإلهي اطمأنت نفوسهم وسلموا إلى ربهم ووعظ بعضهم بعضا بالصبر وقلة الجزع وشوق الارتحال إلى دار المعاد فإذا تم لهم العلم بهذه السياسة والعمل بموجب العقل فقد استراحوا من الغم والهم ووصلوا إلى نعيم الدائم وإن كانوا غير عارفين بموجب التقدير الإلهي وإن كل ما فعله الحكيم خير وصواب ولا مستمعين لحديث الانقياد والتسليم فجزاؤهم الجحيم والحرمان عن النعيم والبعد عن الحق العليم.
تتميم حدسي واعلم أيها السالك الخبير والطالب البصير بقوة حدسك أنك قاصد بحسب