الوجود ولكن جوهريتها في أول الكون جوهرية شبيهة بالأعراض بل هي أضعف من الأعراض لأنها قوة محضة فغلمها بذاتها قوة العلم بالذات.
وكلما كانت القوة العاقلة أشد كانت معقولاتها أشد وكلما كانت أضعف كانت معقولاتها أضعف.
وكما أن النفس ما دامت حاسة كانت مدركاتها محسوسات وما دامت متوهمة أو متخيلة كانت مدركاتها موهومات ومتخيلات وما دامت قوتها العاقلة متعلقة بالبدن منفعلة عن آثاره وغواشيه كانت معقولاتها أيضا معقولات بالقوة كمعنى الإنسانية والحيوانية وأمثالهما التي لا تنفك في وجودها الخارجي عن الأعراض الجسمانية مع إمكان تجردها في اعتبار الذهن وجواز وجودها نحوا آخر من الوجود كما في المثل الأفلاطونية كما أن العاقلة قبل أن تصير عقلا بالفعل هي مخالطة بالمادة البدنية والقوى الجسمانية في الوجود مع حيثية تجردها عنها. فاستعد لوجود مفارقي لا يعتريها فيه التعلق بالمواد وذلك يحصل بعد أن يتعلق بالعقول الفعالة كما كانت متعلقة من قبل بالقوى المنفعلة بتأييد رباني وهداية إلهية ورياضة عملية وسلوك جهة أخروية.
وبالجملة حال العاقل والمعقول في جميع المراتب والمواطن واحد فمعقول النفس ما دام يكون بالقوة كانت النفس بالقوة فعلمها أيضا بذاتها قوة علم أي لا علم لكن من شأنه أن يصير علما بعد ما خرج النفس من القوة إلى الفعل وكذلك علمها بقواها في أول فطرتها ومبدأ كونها.
فصل في بيان أن العقل الهيولاني عالم عقلي بالقوة وكيفية تعقله المعقولات المحضة والمحسوسات التي هي معقولات بالقوة وما به يخرج من القوة إلى الفعل وهو المسمى بالحكمة والسبب المخرج إياه إلى الفعل وهو العقل الفعال.
وأنه العقل المنفعل فيصير أولا عقلا بالملكة ثم عقلا بالفعل ثم عقلا مستفادا فاعلا للمعقولات وقابلا لها على نحو علم المبادئ على ما علمت من كون معقولاتها لوازم ذاتها.
وقبل الخوض في بيان هذه المعاني يجب أن يعلم أن الصورة في كل شيء أمر