نفسها وذاتها لا من حيث إنها أجزاء بدن زيد بعينها.
إنما الاعتقاد في حشر الأبدان يوم الجزاء هو أن يبعث أبدان من القبور إذا رآه أحد كل واحد واحد منها يقول هذا فلان بعينه وهذا فلان بعينه من غير شك وريب ويكون اعتقاده بأن هذا فلان بعينه اعتقادا صحيحا مطابقا لما هو الواقع لا أن يكون الأبدان مثلا وأشباحا للأشخاص بل الأبدان الإنسانية يجب أن يكون مما يصدق عليها ذوات الأناس وحقائقها دون أمثالها وأظلالها.
ولا يلزم من ذلك لأحد أن يعتقد أن مشوه الخلق من أهل الإيمان يجب أن يبعث مشوه الخلق ولا الأقطع والأشل والأعمى والهرم يجب أن يبعثوا كذلك كيف وقد ورد في الأحاديث خلاف ذلك.
فعود الشكل والهيئة والمقدار عينا أو مثلا غير لازم بل اللازم شكل ما وهيئة ما ومقدار ما مع انحفاظ التشخص.
والمتكلمون عن آخرهم أجابوا عن هذه الشبهة بأن المحشور في يوم النشور إنما هو الأجزاء الأصلية الباقية من أول العمر إلى آخره والحق سبحانه يحفظها من غير أن يصير جزءا لبدن آخر.
أقول: هذا كما ترى وبناؤه على الإرادة الجزافية التي يثبتونها في الفاعل المختار الذي كأنه لا شغل له إلا حفظ الأجزاء المتفرقة الترابية عن أن يصير مادة لغذاء الإنسان حتى يتأتى الجواب للمتكلم عن اعتراض يرد عليه في هذا الباب.
وهذا الجواب كجوابهم عما يلزم من لزوم تفكك الرحى كان الواجب جل شأنه شغله دائما إلصاق أجزاء الرحى عن التفكك وتسكين المتحرك السريع حتى يصل إليه البطيء ليتهيأ للكلامى الجواب والاعتذار عما يرد عليه في كل باب والله غني عن العالمين فضلا عن أقوال المتكلمين.
ومنها أن جرم الأرض مقدار محصور معدود ممسوح بالفراسخ والأميال والذراع وعدد النفوس غير متناه فلا يفي مقدار الأرض ولا يسع لأن يحصل منه الأبدان الغير المتناهية.
والجواب بعد تسليم ما ذكر أن المقادير قد يزداد حجما وعددا من مادة واحدة فإن