المقالة الثانية في المعاد الجسماني وفيه فصول:
فصل في تفصيل الأقوال في المعاد إن من الأوهام العامية وهم من يذهب إلى استحالة حشر النفوس والأجساد وامتناع أن يتحقق في شيء منهما المعاد وهم الملاحدة والدهرية وجماعة من الطبيعيين والأطباء الذين لا اعتماد عليهم في الملة والشريعة ولا اعتداد بهم في العقل والحكمة زعما منهم أن الإنسان ليس إلا هذا الهيكل المحسوس حامل الكيفية المزاجية وما يتبعها من القوى والأعراض وأن جميعها يفنى بالموت وينعدم بزوال الحيات ولا يبقى إلا المواد العنصري المتفرقة.
فالإنسان كسائر الحيوان والنبات إذا مات فات وسعادته وشقاوته منحصرة فيما له بحسب اللذات والآلام الحسية الدنياوية. وفي هذا تكذيب للعقل على ما يراه المحققون من أهل الفلسفة الإلهية وللشرع على ما ذهب إليه المحققون (1) من أهل الملة النبوية.