النباتية والحيوانية والإنسانية وعرش استواء الرحمة الرحمانية.
فانظر كيف يؤدي التأمل في حال الحركة الحادثة وكيفية ربطها بالأسباب إلى وجود شيء دائم الحركة المستديرة بأمر مبدعة العليم القدير بدون مشاهدة السماء ودورانه.
فهذا النحو من البيان الدال على وجود قوة سرمدية غير متناه التحريك والتأثير ولا جسمانية الفعل والتدبير تكون واجبة الوجود في ذاتها كما أنها واجبة الإضافة والإفادة على الأشياء كل ذلك بمجرد النظر في طبيعة الحركة من غير نظر إلى أمر محسوس مما يشبه طريقة الصديقين الذين يستدلون على وجود مبدأ الكل بمجرد النظر إلى طبيعة الوجود من غير ملاحظة أمر معقول أو محسوس غير حقيقة الوجود.
فإن الأعمى الذي لا يشاهد السماء وحركتها وإحاطتها إذا نظر بعقله في أدنى حركة حكم بأنه لا بد من وجود سماء محيط بالأجرام يدور على الدوام ومن مبدأ محرك يحركه على الاتساق والانتظام حتى يتصور الحركة.
وإلا فخلق الحركة من دون ذلك محال والمحال ليس مقدورا عليه.
فإذا بين وجود حركة السماء ومحلها الذي هو السماء فلنذكر شرح ذاته وبيان مبدأ حركته وغايتها وأحكامها.
فصل في أن السماء حيوان بمعنى أنها متحركة بالإرادة وإن لم يكن لها شهوة وغضب كما لا يكون لها رأس ولا ذنب أما أنها متحركة فمشاهد وقد دللنا عليه أيضا.
ونقول أيضا بطريق آخر: إن هذا الجسم المحيط إذا فرض ساكنا كان له وضع مخصوص يكون نصفه مثلا تحت الأرض ونصفه فوق الأرض لو قدر هذا تحتها وذلك فوقها لم يلزم محال لاستواء الأجزاء في الطبيعة لما علمت من بساطتها والبسيط لا يتميز فيه جزء من جزء فإذن هي قابلة