كالهيولى الأولى فإنها بالقوة بالقياس إلى جميع الصور والهيئات وليست مستعدة إلا لجانب واحد من الطرفين ولبعض مخصوص من الأشياء فإن الاستعداد يلزمه تلبس المادة بصورة خاصة وهيئة مخصوصة.
والحاصل أن الإمكان مفهوم واحد في الجميع إلا أن أفراده مختلفة لا بالذات بل بحسب أمور خارجة عن معنى الإمكان والاختلاف في الخارجيات لا ينافي الاتفاق في معنى الذات فإن الاختلاف بين أفراد الإمكان أما في الموضوع فإن موضوع الإمكان في الإبداعيات هو الماهية من حيث هي هي وفي الكائنات محل المتشخص وأما في الوجود فإن الإمكان هناك كيفية نسبة الشيء إلى الوجود لنفسه وهاهنا هو كيفية نسبة الشيء إلى الوجود الرابطي وأما في ظرف الاتصاف فإن ظرف الاتصاف بالإمكان الذاتي هو اعتبار الذهن حين أخذ الماهية مطلقة من غير تقييدها بالوجود والعدم وظرف الاتصاف بالإمكان الاستعدادي هو الخارج.
فصل تذكر فيه استبصارات لهذا الباب أولها أن وقت النوم يضعف البدن وضعفه لا يقتضي ضعف النفس بل النفس تقوى وقت النوم فيشاهد الأحوال ويطلع على المغيبات فإذا كان ضعف البدن لا يوجب ضعف النفس بل تقويتها فهذا يقوي الظن في أن موت البدن لا يستعقب موت النفس.
وثانيها أن كثرة الأفكار سبب لجفاف الدماغ وجفافه معد إلى الموت وهذه الأفكار سبب لكمال النفس بالمعارف الإلهية وهو غاية لكمال النفس فما هو سبب لكمال النفس فهو سبب لنقصان البدن وفساده وهذا يؤكد الظن في أن النفس لا يموت بموت البدن.