أما المقدمة اعلم أن وجودات الأشياء وصدورها من المبدإ الأعلى على ضربين: أحدهما الإبداع والآخر التكوين.
والعبارة عن الإبداع هي أن يكون صدور المعلول من مجرد جهة الفاعلية بلا مشاركة حيثية القابلية.
وعن التكوين أن يكون صدورها بمشاركة ما من القابل والفاعل الحقيقي وهو الواجب تعالى في غاية العظمة والجلالة والشرف فما صدر عنه أولا يجب أن يكون أشرف مما يمكن صدوره عن الشيء فيكون أول المبدعات أعظم الممكنات شرفا وما يتلوه أيضا يجب أن يكون أشرف مما يتأخر عنه بوسط وكذا المتأخر عن تالي المعلول الأول بلا وسط يجب أن يكون أشرف من الذي تأخر عنه بوسط وهو أيضا أشرف من المتأخر بوسطين وهو من المتأخر بثلاثة أوساط وهكذا انتقل الوجود من الأشرف فالأشرف إلى الأخس فالأخس حتى ينتهي إلى ما لا أخس منه في الإمكان وهو الذي لا حيثية له إلا حيثية الإمكان والقوة ولا شيئية له في ذاته إلا قبول الأشياء فلا جرم كلما طرأ عليه أولا يكون أخس الصور وجودا وأنقصها فعلية لأنها ما صدرت عن محض جهة الفاعلية إذ ما كان يصدر عن تلك الجهة فقد