علمه آدمي ولا هادي له ولا معلم.
أ فيشك ذو بصيرة في أنها مسكينة عاجزة ضعيفة بل الفيل العظيم شخصه الظاهر قوته عاجز عن أمر نفسه أفلا يشهد هو وصورته وشكله وحركته وعجائب صنعه بعناية فاطر حكيم وجود جواد عليم فصل في بدائع صنع الله تعالى في المواد الفلكية والكوكبية فارفع الآن رأسك إلى السماء وانظر فيها وفي كواكبها وفي دورانها وطلوعها وغروبها وشمسها وقمرها واختلاف مشارقها ومغاربها ودؤبها في الحركات على الدوام من غير فتور في حركتها ومن غير تغير في مسيرها بل يجري جميعها في منازل مرتبة بحساب مقدر لا يزيد ولا ينقص إلى أن يطويها الله تعالى طي السجل للكتب.
وتدبر عدد كواكبها وكثرتها واختلاف ألوانها.
ثم انظر كيفية أشكالها. وما من صورة في الأرض إلا ولها تمثال في السماء وما من كوكب إلا ولله تعالى حكم كثيرة في خلقه ثم في مقداره ثم في وضعه ونسبته إلى كوكب آخر وقربه من وسط السماء وبعده. وقس ذلك على الحكمة التي روعيت في أعضاء بدنك.
وأمر السماء أعظم بكثير من الإنسان بل من جملة ما في عالم الأرض. وقس التفاوت فيما بينهما في عجائب الترتيب وحسن النظام وكثرة المعاني والغايات الحكمية على التفاوت فيما بينهما في المقدار والشرف واللطافة.
فهذا السماء لعظمها وكثرة كواكبها بيت واحد من بيوت عبد الله فيها خلائق كثيرون فمنهم سجود لا يركعون ومنهم ركوع لا ينتصبون ومسبحون لا يسأمون لا يغشاهم نوم العيون ولا فترة الأبدان وغفلة النسيان.
وليس من شرط البيت أن يكون من الطين والخشب بل ولا يشترط أن يكون المعبد جسمانيا بل كل ما يقوم فيه عبادة الحق الأول وتسبيحه وتقديسه فهو مما يصدق عليه المعبد بالحقيقة.