تنبيه لا يزعجنك ما ربما قيل: كيف استعملها الوهم في الصور المحسوسة مع أنه ليس مدركا لها لا لما قيل: إن القوى الباطنة كالمرائي المتقابلة فينعكس إلى كل منها ما يرتسم في الأخرى.
لأنه غير تام إذ ارتسام صور بعضها في بعض إن كان إدراكا بطل القول بأنها خمسة بل يكفي الأقل وإن لم يكن ذلك إدراكا عاد هذا الإشكال وما هو أقوى منه وهو استعمال العقل إياها في المعقولات.
بل بأنه ليس بواجب أن يكون القوة التي هي آلة لتركيب الأمور مدركة لها حتى تمتنع أن يصير القوة الجسمانية آلة للوهم أو القوة العقلية في تركيب المعقولات المتعلقة بالمحسوسات أو غيرها وتفصيلها.
أ لا ترى أن القوة التي في يد الإنسان قد تصير آلة لتركيب الأجسام وتركيبها وتفريقها مع أنها غير مدركة لها فكان هذه القوة يد معنوية للنفس الناطقة كما أن قوتها الإدراكية عين روحانية لها.
ومعنى استعمالها المفكرة في الترتيب الفكري أنها بهذه القوة يقدم بعض ما فيه الانتقال الفكري على بعض آخر ولا استبعاد في ذلك أصلا.
تذكرة استبصاري ومما يجب أن يحقق أن لكل واحدة من هذه القوى الإدراكية حاملا خاصا وموضعا خاصا.
أما الحامل فهو جسم حار لطيف حادث عن لطائف الأخلاط الأربعة كما أن الأعضاء حادثة عن كثافتها على نسبة محدودة مزاجية وهو المسمى بالروح البخاري وهو البدن أولا للنفس الناطقة والبدن الكثيف قشره وغلافه كما أنه قشر للنفس لأنها تكدرت فصارت روحا نفسانيا ثم حيوانيا ثم طبيعيا فحملت القوى النفسانية والحيوانية والنباتية ومنبعها القلب الصنوبري.
ومن ثم يتوزع على المواضع