أكثر العلماء.
فالنفوس إذا كانت قوية يكون اقتدارها على اختراع تلك الصور أقوى فيكون متصوراتها موجودات خارجية حاضرة عندها بذواتها في اليقظة وعند كل نفس يكون درجتها في القوة والنورية هذه الدرجة.
فإذا تقرر هذا فلا يخلو تلك إما أن يكون مطابقة لما في المبادي العالية فيكون وحيا صريحا وإن كانت حكاية لما فيها لأجل تصرف النفس بقوتها الخيالية فيها فيحتاج هذا إلى التعبير وإن لم يكن لا هذا ولا ذاك فيكون من دعابة النفس بواسطة قوتها وعدم استقامتها.
فالأقسام الثلاثة المذكورة في ما يراه النائم في نومه هي بعينه واقعة في ما يراه النفوس القوية في اليقظة مما لا يراه كل سليم الحس وقد لا يكون النفس قوية قادرة على اختراع تلك الصور في اليقظة ولا في النوم لكن يستعين حال اليقظة بما تدهش الحس وتحير الخيال فيظهر أشياء لا وجود لها في الخارج لضعفاء العقول الذين هم في أصل الجبلة إلى الدهشة وتحير الخيال مائلون.
هذا هو طريق القائلين بنحو آخر من الوجود للصور غير ما ينطبع في القوى المادية والأجرام.
ومن طريق آخر نقول: إن النفس قد تدرك إدراكا قويا لأمر جزئي من عالم الغيب فيبقى عين ما أدركته في الحفظ وقد يقبل قبولا ضعيفا لأمر عقلي فيستولي عليه المتخيلة فتحاكيه بصورة محسوسة مناسبة له.
فإن لكل حقيقة عقلية صورة طبيعية له في عالم المحسوسات فإذا قويت تلك الصورة في المتخيلة استثبتها الحس المشترك وانطبعت الصورة في الحس المشترك سراية إليه من المتخيلة والمصورة لكون المدارك الباطنية للإنسان كالمرائي المتعاكسة صورة بعضها إلى بعض والإبصار ليس إلا وقوع صورة في الحس المشترك سراية إليه فإن الصورة الموجودة في الخارج ليست محسوسة بل هو سبب ظهور صورة تماثلها في الحس المشترك فالمحسوس بالحقيقة ذلك والخارج يسمى محسوسا بالعرض لعلاقة السببية بينهما بوجه.
ولا فرق بين أن يرتفع الصورة إلى الحس