أولهما أولى وهو تعلقه بالروح الحيواني المنبعث من القلب الساري في الشرائين.
وثانيهما ثانوي وهو تعلقها بالأعضاء الكثيفة وكل صورة ونفس تعلق بجسم إذا حان وقرب قصور وفتور في تعلقه بجزء يشتد ويزداد توجهه وتعلقه بالأجزاء الآخر كما لا يخفى على أولى النهى.
وبعد تمهيد هذا نقول: إن الروح الإلهي إذا لبث برهة أو مدة متعلقا ببدن ثم انحرف مزاج الروح الحيواني وكاد أن يخرج عن صلاحية التعلق فاشتد وازداد التعلق الثانوي من جانب الروح الإلهي بالأعضاء ولهذا يرى عند قرب الموت انتقاش ما ثم بعد قطع العلاقة الأولى وزوال الآلات والقوى يبقى من الباقي تعلق ما وبهذا يتعين الأجزاء بتعين ما ثم عند المحشر إذا اجتمعت وتألفت تلك الأجزاء بعينها وتمت صورة البدن ثانيا وحصل فيه الروح الحيواني مرة أخرى عاد تعلق الروح كالمرة الأولى وكان التعلق بالأجزاء مانعا مزاجها لحدوث نفس أخرى فالمعاد هو عود الروح إلى البدن لنيل الجزاء انتهى كلامه بحث وتنبيه إن هذا الكلام قد لا يفي بتحقيق المرام إنما يليق بمجادلة أهل الخصام فإن تعلق النفوس والصور بالأبدان والأجسام تعلق طبيعي لا تعلق إرادي صادر عن الفاعل بالقصد والروية إذ ربما تعلقت إرادة الإنسان لأجل مصلحة ترغبه وداعية تدعوه إلى توجه والتفات نحو شيء مثل توجهه إلى خرابة عاش فيها مدة وأياما كانت معمورة فالتفت إليها مرة أو مرتين وتذكر به التذاذات والتنعمات التي وقعت منه فيها سواء كان هذا التوجه والالتفات منه على سبيل العبث والجزاف من غير طائل فكري وغاية عقلية أو يكون لها فائدة في ذلك ومصلحة رآها وداعية راعاها مثل طلب العمارة والسكنى فيها أو غير ذلك من المصالح والمآرب الدنياوية.
وأما التعلقات الطبيعية من النفوس والصور والطبائع فلا بد لها من تخصص واستعداد وتهيؤ